إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ... فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله ... ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشاً قد تقادم عهده ... ويظهر سراً كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها ... صديق صدوق صادق الوعد منصفا
صاف الكرام فخير من صافيته ... من كان ذا أدب وكان ظريفا
واحذر مؤاخاة اللئيم فإنه ... يبدي القبيح وينكر المعروفا
إن الكريم وإن تضعضع حاله ... فالخلق منه لا يزال شريفا
والناس مثل دراهم قلبتها ... فأصبحت منها فضّة وزيوفا
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ... فأبصر بعين منك أمراً فيعتمد
ولن يصبح الإنسان إلا نظيره ... وإن لم يكونا من قبيل ولا بلد
وما الغيّ إلا أن تصاحب غاوياً ... وما الرشد إلا أن تصاحب مرتشد
أخو الفسق لا يغررك منه تودّد ... فكل حبال الفاسقين مهين
وصاحب إذا ما كنت يوماً مصاحباً ... أخا ثقة بالغيب منك أمين
اجعل قرينك من رضيت فاعله ... واحذر مقارنة اللئيم الشائن
كم من قرين شائن لقرينه ... ومهجن منه لكل محاسن
وعينك إن أبدت إليك مساوياً ... من الناس قل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وكن متودّداً ... ولا تلق إلا بالتي هي أحسن
[الباب الثاني والعشرون في القناعة]
وأكل كسيرة في جنب بيتي ... أحب إلي من أكل الرغيف
ولبس عباءة وتقر عيني ... أحب إلي من لبس الشفوف
هي القناعة فالزمها تعش ملكا ... لو لم يكن منك إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ... هل راح منها بغير القطن والكفن