وأنا المسخر لكم بإشارة (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ)[النحل: ٧] فلم أزل بين رحلة ومقام حتى أصل إلى ذلك المقام.
فقال (الحصان) أنا أحمل على كاهلي فأجتهد به في السير وأنطلق به كالطير أهجم هجوم الليل وأقتحم اقتحام السيل فإن كان طالباً أدرك في طلبه وإن كان مطلوباً قطعت عنه سببه وجعلت أسباب الردى عنه محتجبة فلا يدرك مني إلا الغبار ولا يسمع عني إلا الأخبار وإن كان الجمل هو الضابر المجرب فأنا السابق المقرب وإن كان هو المقتصد اللاحق فأنا المقرب السابق فإذا كان يوم اللقاء قدمت أقدام الواله وسبقت سبق نباله وذلك متخلف لثقل أحماله وإن أوثق سائسي قيدي وأمن قائدي كيدي أوثقت بشكالي لكيلا أحول على أشكالي وألجمت بلجامي كيلا أغفل عن قيامي وأنعلت الحديد أقدامي كيلا أكلّ عن إقدامي فأنا الموعود بالنجاة المعدود لنيل الجاه المشدود للسلامة المقصود للكرامة قد أجزل النعم عن إنعامه وأمضي بالعناية الأزلية أحكامه فإن الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة خلقت من الريح وألهمت التسبيح وما برح ظهري عزا وبطني كنزاً وصهوتي حرزاً فكم ركضت في ميدان السباق وما أبديت عجزاً وكم حززت رؤوس أهل النفاق حزاً وكم أخليت منهم الآفاق (هَلْ تُحِسّ مِنْهُمْ مّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً)[مريم: ٩٨] .
["الفن الثالث في الأمثال"]
المثل عبارة عن تأليف لا حقيقة له في الظاهر وقد ضمن باطنه الحكم السافية وهي ثلاثة أقسام مفترضة ممكنة ومخترعة مستحيلة ومختلطة.
فالأمثال المفترضة الممكنة هي ما نسب فيها النطق والعمل إلى عاقل