[وقال أبو الفتح البستني المتوفي سنة ١١٢٢ هـ?]
زيادة المرء في دنياه نقصانُ ... وربحه غير محض الخير خسران
وكلُّ وجدان حظّ لا ثبات له ... فإن معناه في التحقيق فقدان
يا عامراً لخراب الدهر مجتهداً ... بالله هل لخرابِ العمر عمران
ويا حريصاً على الأموال تجمعها ... أنسيتَ أن سرور المال أحزان
دع الفؤاد عن الدّنيا وزينتها ... فصفوها كدر والوصل هجران
وأرعِ سمعك أمثالاً افصلها ... كما يفضّل ياقوت ومرجان
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسان
يا خادم الجسم كم تسهى لخدمته ... أتطلب الرّبح ممّا فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها ... فأنت بالنّفس لا بالجسم إنسان
وكن على الدّهر معواناً لذي أملٍ ... يرجو نداك فإن الحرّ عنوان
واشدد يدك بحبل الله معتصماً ... فإنه الركنُ إن خانتك أركان
من يتق الله يحمد من عواقبه ... ويكفه شرّ من عزُّوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب ... فإنَّ ناصره عجزٌ وخذلان
من كان للخير منَّاعاً فليس له ... على الحقيقة إخوانٌ وأخدان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة ... إليه والمال للإنسان فتَّان
من سالم النَّاس يسلم من غوائلهم ... وعاش وهو قرير العين جذلان
من كان للعقل سلطان عليه غدا ... وما على نفسه للحرص سلطان
ومن مد طرفاً بفرط الجهل نحو هوى ... أغضى على الحقّ يوماً وهو خزيان
من استشار صروف الدهر قام له ... على حقيقة طبع الدهر برهان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه ... ندامة ولحصد الزَّرع إبَّان
ومن استنام على الأشرار نام وفي ... قميصه منهم صلٌّ وثعبان
كن ريّق البشر إن الحرّ همته ... صفيحة وعليها البشرُ عنوان
ورافق الرّفق في كل الأمور فلم ... يندم رفيقٌ ولم يذممهُ إنسان
ولا يغرنك حظٌّ جرّه خرقٌ ... فالخرقُ هدم ورفق المرءِ بنيان
أحسن إذا كان إمكانٌ ومقدرة ... فلن يدوم على الإحسان إمكان
فالروض يزدان بالأنوار فاغمه ... والحرُّ بالعدل والإحسان يزدان
صنْ حرّ وجهك لا تهتك غلالته ... فكلُّ حرّ لحرّ الوجه صوّان
دع التكاسل في الخيرات تطلبها ... فليس يسعد بالخيراتِ كسلان