وقال عبد المجيد بن عبدون الفهري المتوفى سنة ٥٢٠ هـ? راثياً ملوك
بني الأفطس من قصيدة ممتعة في التاريخ والأدب
الدَّهر يفجعُ بعد العين بالأثر ... فما البكاءُ على الأشباح والصُّور
أنهاكَ أنهاكَ لا أنهاكَ واحدةً ... عن نومة بين ناب الَّليث والظفر
فالدَّهر حربٌ وإن أبدى مسالمةً ... فالبيضُ والسمر مثلُ البيض والسُّمر
ولا هوادةً بين الرأس تأخذه ... يدُ الضّراب وبين الصّارم الذكر
فلا يغرَّنك من دنياك نومتها ... فما صناعة عينيها سوى السَّهر
فبالليالي أقال الله عثرتنا ... من الليالي وغالتها يد العير
في كل حين لها في كل جارحة ... منا جراح وإن زاغت عن الصبر
تسر بالشيء لكن كي تغرَّ به ... كالأيم ثار إلى الجاني من الزهر
كم دولة وليت بالنصر خدمتها ... لم تبق منها وسل دنياك عن خير
[وقال أبو ذؤيب يرثي أولاده]
أمنَ المنون وريبها تتوجّعُ ... والدّهر ليس بمعتبٍ منْ يجزع
قالت أمامة ما لجسمك شاحباً ... منذ ابتذلت ومثل مالك ينفعُ
ولقد حرصتُ بأن أدافع عنهمُ ... وإذا المنية أقبلتْ لا تدفعُ
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيتَ كلّ تميمة لا تنفعُ
فالعين بعدهمُ كأن جفونها ... كحلتْ بشوكٍ فهي عورٌ تدمعُ
وتجلدي لشامتين اربهمُ ... أني لرّيب الدَّهر لا أتضعضعُ
حتى كأني للحوادث مروةٌ ... نصفَ المشقر كلّ يوم تقرع
لا بدَّ من بلف مقيم فانتظر ... أبأرض قومك أن بأخرى المضجع
ولقد أرى أن البكاءَ سفاهةٌ ... ولسوف يولع بالبكا من يفجع