للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استظهرت على جور الأيام بعدله واستترت من دهري بظله قد غرقتني نعمه حتى استنفدت شكر لساني ويدي، تتابعت نعمه تتابع القطر على القفر وترادفت مننه ترادف اليسر إلى ذي الفقر له أياد قد عمت الآفاق وطوقت الأعناق أياد قد حسبت عليه الشكر واستعبدت له الحر منن توالت توالي القطر واتسعت سعة البر والبحر وأثقلت كاهل الحر.

["وصف القلم"]

القلم أحد اللسانين وهو المخاطب للغيوب بسرائر القلوب على لغات مختلفة من معان معقولة بحروف معلولة متباينات الصور مختلفات الجهات لقاحها التفكر ونتاجها التدبير تخرس منفردات وتنطق مزدوجات بلا أصوات مسموعة ولا ألسن محدودة ولا حركات ظاهرة خلا فلم حرف باريه قطته ليتعلق المداد به وأرهف جانبيه ليرد ما انتشر عنه إليه وشق رأسه ليحتبس المداد عليه فهنالك استمد القلم بشقه ونثر في القرطاس بخطه حروفاً أحكمها التفكر وأولى الإسماع بها الكلام الذي سداه العقل وألمحه اللسان ونهسته اللهوات وقطعته الأسنان ولفظته الشفاه ووعته الأسماع عن أنحاء شتى من صفات وأسماء. قال البحتري:

طعانٌ بأطراف القوافي كأنه ... طعان بأطراف القنا المتكسر

["وصف الخط لأبي الحسن القيرواني المتوفي سنة ٤٨٨ هـ?"]

سئل بعض الكتاب عن الخط متى يستحق أن يوصف بالجودة قال: إذا اعتدلت أقسامه وطالت ألفه ولامه واستقامت سطوره وضاهى صعوده وحدوره وتفتحت عيونه ولم تشتيه راؤه ونونه وأشرق قرطاسه وأظلمت أنفاسه ولم تختلف أجناسه وأسرع إلى العيون تصوره وإلى العقول تثمره وقدرت فصوله واندمجت أصوله وتناسب دقيقه وجليله وخرج من نمط الوراقين وبعد عن تصنع المحبرين وأقام لصاحبه مقام النسبة والحلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>