الفراسة: وكان سمحاً جواداً كثير المواساة لأخوانه: وكان على دمامة خلقه وتناقض خلقه خفيف الروح فكه المجلس غاية في الظرف وطيب الفكاهة وحلاوة الكلام، وهو على الجملة أحد أفذاذ العالم وإحدى حجج اللسان العربي، وأقام الجاحظ أكثر عمره بالبصرة يعيش معيشة الأدباء والعلماء محسوباً لولاتها وأعيانها محبواً منهم بالعطايا والمنح بما يصنفه لهم من الكتب المتفقه مع أهوائهم المختلفة، وكان كثير الانتجاع للخلفاء ببغداد وسر من رأى حتى فلج بالبصرة وبقي مفلوجاً بها مدة إلى أن انتقل إلى بغداد فمات بها ودفن بمقبرة الخيزران (أم الرشيد) سنة ٢٥٥ هـ، وله أكثر من مائتي كتاب.
[أحمد بن عبد ربه]
هو أديب الأندلس وشاعرها أبو عمر أحمد بن محمد به عبد ربه القرطبي ولد سنة ٢٤٦ هـ ونشأ بمدينة قرطبة ودرس علوم العربية فنبغ في جميعها. وحفظ منها ما لم يحفظه أحد من علماء زمانه وقرأ رسائل المحدثين من المشارقة وما ترجم من كتب الأوائل في أكثر العلوم، وأودع زبدة ذلك في كتابه "العقد الفريد" وكان يشتغل في حداثته بالشعر ويجري في مضمار اللهو والطرب ونظم في ذلك من القصائد والمقطعات الرقيقة الجميلة ما جعل المتنبي على صلفه وكبره حين سمع شعره يسميه (مليح الأندلس) ثم أقلع في كبرته عن صبوته وأخلص لله في توبته: فاعتد أشعاره التي قالها في الغزل واللهو عملاً باطلاً: وعمل على أعاريضها وقوافيها قصائد في الزهد يعارضها بها، وسماها الممحصات، ونال من خلفاء بني أمية بالأندلس قبولاً وحل عندهم في المكان الأسمى، وبقي بقرطبة رئيساً مسوداً حتى فلج وعاش كذلك عدة سنين ثم مات بها سنة ٣٢٨ هـ.
[الحريري]
هو أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري البصري