أهرامهم تلك، حيّ الفنَّ متخذاً ... من الصُّخورِ بروجاً فوق كيوانِ
قد مرَّ دهر عليها، وهي ساخرة ... بما يضعضعُ من صرحٍ وإيوانِ
لم يأخذِ الّليلُ منها والنهارُ سوى ... ما يأخذُ النملُ من أركان تهلانِ
كأنها والعواد، في جوانبها ... صرعى بناءُ شياطين لشيطانٍ
جاءت إليها وفود الأرض قاطبة ... تسعى اشتياقاً إلى ما خلَّدَ الفاني
فصغَّرت كل موجود ضخامتها ... وغضَّ بنيانها من كلّ بنيانِ
وعادَ منكرُ فضل القوم معترفاً ... يثني على القوم في سرَّ وإعلانِ
تلك الهياكل في الأمصار شاهدةٌ ... بأنهم أهلُ سبقٍ، أهلُ إمعانٍ
وأن فرعونَ في حول ومقدرة ... وقومَ فرعونَ في أقدام كفؤانٍ
إذا أقام عليهم شاهداً حجرٌ ... في هيكل قامتْ الأخرى ببرهانٍ
كأنما هي والأقوام خاشعةٌ ... أمامها صحفُ من عالمٍ ثانِ
تستقبلُ العينَ في أثنائها صورٌ ... فصحة الرمز دارت حولَ جدرانِ
لو أنها أعطيتْ صوتاً لكانَ لهُ ... صدّى يروّع الإنس والجان
أين الألى سجَّلوا في الصّخر سيرتهم ... وصغّروا كلَّ ذي ملك وسلطانِ
بادوا، وبادت على آثارهم دولٌ ... وأدرجوا طيَّ أخبار وأكفانِ
[خليل بك مطران]
هو شاعر الشعور والخيال، وشاعر بعلبك والأهرام، ولد سنة ١٨٧١ ببعلبك وتعلم بها قدم مصر سنة ١٨٩٣ م واشتغل بمكاتبة الصحف وانشأ باسمه "المجلة المصرية" سنة ١٨٩٩ م وأنشأ أيضاً (جريدة الجوانب المصرية) وله ديوانه المسمى (ديوان الخليل) .
شعره: مجمع الصور وملعب الخيال، ونفسه كالصحيفة الحساسة ينطبع