[الباب الثاني عشر في الصبر والتأني]
تصبر ففي اللأواء قد الصبر ... ولولا صروف الدهر لم يعرف الحر
وإن الذي أبلى هو العون فانتدب ... جميل الرضا يبقى لك الذكر والأجر
وثق بالذي أعطى ولاتك جازعاً ... فليس بحزم أن يروعك الضر
فلا نعم تبقى ولا نقم ولا ... يدوم كلا الحالين عسر ولا يسر
تقلب هذا الأمر ليس بدائم ... لديه مع الأيام حلو ولا مر
اصبر على مضض الأدلاج في السحر ... وفي الرواح إلى الطاعات في البكر
إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبه محمودة الأثر
وقل من جد في أمر يؤمله ... واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
إن الأمور إذا اشتدت مسالكها ... فالصبر يفتح كل ما ارتجا
لا تيأسن وإن طالت مطالبه ... إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا
عليك بإظهار التجلد للعدى ... ولا تظهرن منك الذبول فتحقرا
أما تنظر الريحان بشمم ناضراً ... ويطرح في البيدا إذا ماتغيرا
صبراً على نوب الزما ... ن وإن أبى القلب الجريح
فلكل شيء آخر ... إما جميل أو قبيح
الدهر أدبني والصبر رباني ... والقوت أنعني واليأس أغناني
وحنكتني من الأيام تجربة ... حتى نهيت الذي قد كان ينهاني
إني رأيت الصبر خير معول ... رفي النائبات لمن أراد معولاً
ورأيت أسباب القناعة أكدت ... بعرى الغنى فجعلتها لي معقلا
فإذا نبابي منزل جاوزته ... وجعلت منه غيره لي منزلاً
وإذا غلا شيء علي تركته ... فيكون أرخض مايكون إذا غلا
إذا ماأتاك الدهر يوماً بنكبة=فافرغ لها صبراً وأوسع لها صدراً
فإن تصاريف الزمان عجيبة ... فيوماً ترى يسراً ويوماً ترى عسراً