للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يبذل لهم ما سألوا وجاء بأمر بين ذلك استصغاراً لأمرهم واستهانة بحربهم وإنما يهيج جسيمات الأمور صغارها وأما (علي) فأشار باللين وإفراط الرفق وإذا جرد الوالي لمن غمط أمره وسفه حقه اللين بحتاً والخير محضاً لم يخلطهما بشدة تعطف القلوب عن لينة ولا بشر يحسبهم إلى خيره فقد ملكهم الخلع لعذرهم ووسع لهم الفرجة لثني أعناقهم فإن أجابوا دعوته وقبلوا لينه من غير خوف اضطرهم ولا شدة فنزوة في رؤوسهم يستدعون بها البلاء إلى أنفسهم ويستصرخون بها رأي المهدي فيهم وإن لم يقبلوا دعوته يسرعوا لإجابته باللين المحض والي الصراح فذلك ما عليه الظن بهم والرأي فيهم وما قد يشبه أن يكون من مثلهم لأن الله تعالى خلق الجنة وجعل فيها من النعيم المقيم والملك الكبير مال لا يخطر على قلب بشر ولا تدركه الفكر ولا تعلمه نفس ثم دعا الناس إليها ورغبهم فيها فلولا أنه خلق ناراً جعلها لم رحمة يسوقهم بها إلى الجنة لما أجابوا ولا قبلوا وأما (موسى) فأشار بأن يعصبوا بشدة لا لين فيها وأن يرموا بشر ولا خير معه وإذا أضمر الوالي لمن فارق طاعته وخالف جماعته الخوف مفاداً والشر مجرداً ليسعهما طمع ولا لين بثنيتهم اشتت الأمور بهم وانقطعت الحال منهم إلى أحد أمرين إما أن تدخلهم الحمية من الشدة والأنفة من الذلة والامتعاض من القهر فيدعوهم ذلك إلى التمادي في الخلاف والاستبسال في القتال والاستسلام للموت وإما أن ينقادوا بالكره ويذعنوا بالقهر على بغضة لازمة وعداوة باقية تورث النفاق وتعب الشقاق فإذا أمكنتهم فرصة أو ثابت لهم قدرة أو قويت لهم حال عاد أمرهم إلى اصعب وأغلظ وأشده مما كان.

وقاتل في قول الفضل: أيها المهدي أكفى دليل أوضح برهان وأبين خبر بأن فد أجمع رأيه وحزم نظره على الإرشاد ببعثة الجيوش إليهم وتوجيه

<<  <  ج: ص:  >  >>