للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن الليث:

أهل خراسان أيها المهدي قوم ذوو عزة ومنعة وشياطين خدعة زروع الحمية فهم نابتة وملابس الأنفة عليهم ظاهرة فالروية عنهم عازية والعجلة عنهم حاضرة تسبق سيولهم مطرهم وسيوفهم عذلهم لأنهم بين صفة لا يعدو مبلغ عقولهم منظر عيونهم وبين رؤساء لا يلجمون إلا بشدة ولا يفطمون إلا بالمر وإن ولي المهدي عليهم وضيعاً لم تنقد له العظماء وإن ولي أمرهم شريفاً تحمل عليه الضعفاء وإةن أخر المهدي أمرهم ودافع حربهم حتى يصيب لنفسه من حشمه ومواليه وأو بني عمه أو بني أبيه ناصحاً يتفق عليه أمرهم وثقة تجتمع له أملاؤهم بلا أنفة تلزمهم ولا حمية تدخلهم ولا مصيبة تنفرهم تنفست اليان بهم وتراخت الحال بأمرهم فدخل بذلك من الفساد الكبير والضياع لعظيم ما لا يتلافاه صاحب هذه الصفة وإن جد ولا يستصلحه وإن جهد إلا بعد دهر طويل وشر كبير وليس المهدي وفقه الله فاطماً عاداتهم ولا قارعاً صفاتهم ويمثل أحد رجلين لا ثالث لهما ولا عدل في ذلك بهما: أحدهما لسان ناطق موصول بمسمعك ويد ممثلة لعينك وصخرة لا تزعزع وبهمة لا تثنى وبازل لا يفزعه صوت الجلجل نقي العرض نزيه النفس جليل والخطر قد اتضعت الدنيا عن قدره وسما نحو الآخرة بهمته فجع الغرض الأقصى لعينه نصبا والغرض الأدنى لقدمه موطئاً فليس يقبل عملاً ولا يتعدى أملاً وهو رأس مواليك وأنصح بني أبيك رجل قد غذي بلطيف كرامتك ونبت في ظل دولتك ونشأ على قوائم أدبك فإن قلدته أمرهم وحملته ثقلهم وأسندت إليه ثغرهم كان قفلاً فتحه أمرك وباباً أغلقه نهيك فجعل العدل عليه وعليهم أميراً والإنصاف بينه وبينهم حاكماً وإذا حكم المنصفة وسلك المعدلة فأعطاهم ما لهم وأخذ منهم ما عليهم غرس في الذي لك بين صدورهم وأسكن لك في السويداء داخل قلوبهم طاعة راسخة العروق باسقة الفروع متماثلة فيحول شيء عوامهم متمكنة من قلوب

<<  <  ج: ص:  >  >>