الظّلُمَاتُ وَالنّورُ) [الرعد: ١٦] وأين منزل أهل الغفلة من منزل أهل اليقظة والحضور وإن كنت مغنى الأنس والأفراح تفعل بعقول الناس فعل الراح فهل حسبت أن السكون خير من الحركة وقد أجمع العالم على أن "الحركة بركة" فإن لي بكل خطوة حظوة وليس لجوادي كبوة ولا لصارمي نبوة وإن صرحت بالذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً معرضاً بكل غافل لاه في كل مجال (رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ)[النور: ٣٧] وأين من احتجب بظلمات بعضها فوق بعض ممن أضحى ينظر بعين الاعتبار في ملكوت السموات والأرض وقد أتحفني الله بالصلاة الوسطى فأوتر بها صلواتي وشرع فيها الإسرار لأسرار اختصت بها أهل جلوتي وكفاني شرفاً (شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِيَ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)[البقرة: ١٨٥] فمآثري مأثورة في القديم والحديث ومفاخري منثورة في الكتاب والحديث ومحاسني واضحة لأولي الأبصار وهل تخفى الشمس في رائعة النهار فاكفف عن الجدال وأمسك ولا تجعل يومك مثل أمسك وسالم من ليس لك عليه قدرة فقد قيل: (ما هلك امرؤ عرف قدره) أقول قولي هذا واستغفر الله من آفة العجب والكبرياء ولما انهار ركن النهار ابهارّ (الليل) وتبرقع بالاكفهرار فسد ما بين الخافقين بسواده وطفق يرمي بسهام جداله في جلاده وقدم بين نجواه سورة القدر آية على ما حازه من كمال الرفعة والقدر وثني بقوله تعالى: (سُبْحَانَ الّذِي أَسْرَىَ بِعَبْدِهِ لَيْلاً)[الإسراء: ١] فأشار إلى الحبيب حين تجلت له قرة عينه ليلاً ثم قال سحقاً لك أيها النهار فقد أسست بنيانك على شفا جرف هارٍ تناضلني ومني كان انسلاخك وظهورك وتفاضلني وبي أرحت أعوامك وشهورك ألم يأن لك أن تخشع للذكر فتعترف لي برتبة التقديم في الذكر وكيف تعيرني بلون السواد وهل يقبح السواد إلا في الفؤاد أم كيف تعيبني