بطوالع أقمارها والمغترة بلوامع أنوارها (ما كل بيضاء شحمة ولا كل حمراء لحمة) فبم تزعمين أنك أتقى مني وأنقى (وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىَ)[الشورى: ٣٦] وأنت واقفة لي على أقدام الخدمة جارية في قضاء مأربي بحسب الحكمة قد كفلك الحق بحمل مؤونتي وكلفك بمساعدتي ومعونتي ووكلك بإيقاد سراجي ومصباحي ووكلك إلى القيام بشؤوني في ليلي وصباحي وليس علوك شاهداً لك بالرتبة العلية فضلاً عن أن يوجب لك مقام الأفضلية (فما كل مرتفع نجد ولا كل متعاظم ذو شرف ومجد) .
وإن علانيَ من دوني فلا عجبٌ ... لي أسوةٌ بانحطاط الشمس عن زحلِ
فمن أعظم ما فقت به حسناً وجمالاً وكدت بأخمصيّ أطأ الثريا فضلاً وكمالاً تكوين الله مني وجود سيد الوجود فأفرغ علي به خلع المكارم والجود فهو بدر الكمال وشمس الجمال.
وأجمل منك لم ترَ قطُّ عينٌ ... وأكملُ منك لم تلدِ النساء
خلقتَ مبرءاً من كلّ عيبِ ... كأنّك قد خلقت كما تشاء
فأكرم به من نبي أسرني به وأرضى كيف لا ولولاه ما خلق سماء ولا أرضاً وجعلني له مسجداً وطهوراً وأقر به عيني بطوناً وظهوراً فأبرقت (السماء) وأرعدت وأرغت وأزبدت وقالت إن لم تتخط خطة المكابرة وتتخلى عن هذه المثابرة لأغرقنك في بحار طوفاني أو أحرقنك بصواعق نيراني وهل امتطيت السماكين أو انتعلت الفرقدين حتى تفتخري علي وتشيري بالذم إلي وتلك شهادة لي بالكمال وقد صدق من قال:
وإذا أتتكَ مذمتي من ناقصٍ ... فهي الشّهادة لي بأني كاملُ
أم حسبت أن لك في ذلك حجة فخاطرت بنفسك في ركوب هذه اللجة وكنت كالباحث عن حتفه بظلفه والجادع مارن أنفه بكفه.
لكلّ داءِ دواءُ يستطبّ به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها