للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنك لطائف الأمداد لخلعت ملابس الأنس ولبست ثياب الحداد أو حجبت عنك الشموس والأقمار لما ميزت بين الليل والنهار فهلا كنت بفضلي معترفة حيث إنك من بحر فيضي مغترفة فنزعت (الأرض) عن مقاتلتها وعلمت أنها لا قبل لها بمقاتلتها وحين عجزت عن العوم في بحرها واستسلمت تمائمها لسحرها بسطت لها بساط العتاب متمثلة بقول ذي اللطف والآداب.

إذا ذهبَ العتابُ فليس ودّ ... ويبقى الودّ ما بقي العتابُ

ثم قالت اعلمي أيتها الموسومة بسلامة الصدر الموصوفة بسمو المنزلة وعلو القدر أن الله ما قارن اسمي باسمك ولا قابل صورة جسمي بجسمك إلا لمناسبة عظيمة وألفة بيننا قديمة فلا تشتمي بنا الأعداء وتسيئي الأحباء والأودّأء فإن لك من أعظم الرزايا وأشد المحن والبلايا.

كل المصائبِ قد تمر على الفتى ... فتهون غير شماتة الأعداءِ

ألا وإن العبد محل النّقص والخلل وهل يسوغ لأحدٍ أن يبرئ نفسه من الزلل ومن يسلم من القدح ولو كان أقوم من القدح.

ومن االذي ترضى سجاياه كلّها ... كفى المرء فضلاً أن تعد معايبه

هذا وإن لي مفاخر لا تنكر ومآثر تجل عن أن تحصر كما أنك في الفضل أشهر من نار على علم وأجل من أن يحصى ثناء عليك لسان القلم فإلى متى ونحن في جدال وجلاد نتطاعن بأسئلة ألسنة حداد وهل ينبغي أن يجر بعضنا على بعض ذيل الكبر والصلف ولكن عفا الله عما سلف وهذه لعمري حقيقة أمري فانظري إلي بعين الرضا واصفحي بحقك عما مضى ولما سمعت (السماء) هذه المقالة التي تجنح إلى طلب السلم والإقالة قالت لها مآرب لا حفاوة ومشرب قد وجدت له حلاوة وما ندبت إليه من المودة

<<  <  ج: ص:  >  >>