للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو تفارق هذه الفجاج وتختلط بالبحر العجاج وإن لم تفعل شكوناك إلى من أنزلك من السماء وأنعم بك علينا من خزائن الماء؟

إذا لم تكن ترحم بلاداً ولم تغث ... عباداً فمولاهم يغيث ويرحمُ

وإن صدرتْ منهم ذوبٌ عظيمةٌ ... فعفو الذي أجراك يا بحر أعظمُ

نمدُّ إليه أيدياً لم نمدّها ... إلى غيره والله بالحال أعلم

قال (البحر) يا بر يا ذا البرّ هكذا تخاطب ضيفك وهو يخصب شتاءك وصيفك وقد ساقني الله إلى أرضك الجزر ومعدن الدر والخزر لأبهج زرعها وخيلها وأخرج أبها ونخيلها وأكرم ساكنك وأنزل البركة في أماكنك وأثبت لك في قلب أهلك أحكام المحبة وأنبت بك لهم في كل سنبلة مائة حبة وأحييك حياة طيبة يبتهج بها عمرك الجديد ويتلو (كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَىَ) [البقرة: ٧٣] ألسنة العبيد وأطهرك من الأوساخ وأحمل إليك الإبليز فأطيبك به من عرق السباخ وأنا هدية الله إلى مصرك وملك عصرك القائم بنصرك ولولا بركاتي عليك ومسيري في كل مسرى إليك لكنت وادياً غير ذي زرع وصادياً غير ذي ضرع.

سريتُ أنا ماءُ الحياة فلا أذى ... إذا ما حفظتُ الصحب فالمالُ هينُ

فكن خضراً يا بر واعلم بأنني ... إلى طينك الظمآن بالري أحسن

وأسعى إليه من بلادٍ بعيدةٍ=وأحسن أجري بالتي هي أحسنُ

إذا طاف طوفاني بمقياسك الذي ... يسرُّ بإتيان الوفاء ويعلنُ

فقم وتلقّاه ببسطتك التي ... لروضها فضلٌ على الروض بينُ

ولعمري لقد تلطف (البر) في عتابه وأحسن ودفع (البحر) في جوابه بالتي هي أحسن وقد اصطلحا وهما بحمد الله أخوان متضافران على عمارة بلاده ونشر الثروة ونمو الخيرات بين عباده فالله تعالى يخصب مرعاهما ويحرسهما ويرعاهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>