للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتعنو وجوهنا، وتتضاءل كبرياؤنا، أمام قدرة خالقنا العظيم، فسبحانه من إله حكيم.

وما الأولان التي نراها في نور الأزهار وريش الأطيار ونفائس المصنوعات إلا أثر وقوع أضوائها على هذه المرئيات وانعكاسها على أبصارنا، فإن نور الشمس الأبيض مؤلف من سبعة ألوان أصلية تنشأ منها كل الأولان الفرعية، وهي الأحمر، والبرتقالي، والأصفر، والأزرق، والأخضر، والنيلجي، والبنفسجي، فمن الأجسام ما لا يمتص شيئاً من هذه الأولان، بل يعكسها كلها على العين، فيبدو أبيض ناصعاً كزهرة الياسمين، ومنها ما يمتص بعضها ويعكس باقيها، فيتلون بلون ما يعكس منها، فإذا أبصرت ورقة الشجر خضراء عرفت أنها اختزنت من ضوء الشمس ستة ألوان، وردت إلى عينيك سابعها، وهو الأخضر لن فيما أدخرته نفعاً لها، وليس بها إلى ما لفظته افتقاراً، ومنها ما يرد لونين أو أكثر، فيبدو لونه مزيجاً بين هذه الأولان السبعة، وهذه الأولان من عجائب صنع الله في الأرض لتمييز بعضها من بعض فقد يتماثل الشيئان شكلاً، وحجماً، وصلابة، وليناً، وشمأ ثم لا يتباينان إلا من حيث اللون، فيكون اللون آية تباينهما، وأكثر ما يكون ذلك في الأزهار.

وتنوع الأولان هو السر في جمال المرئيات من مشاهد الطبيعة وبدائع الصناعة، وإن اعظم المصورين وأمهر النقاشين لم يبرز على غيرهم، وبدلوا على ذكائهم ونبوغهم إلا ببراعتهم في محاكاة ألوان الطبيعة المؤتلفة وأشكالها المتجانسة، وإنما يتم ذلك إذا عرفوا كيف يمزجون من الأصباغ ما يستخدمونه به ألوان النور خير استخدام، وينتفعون به أحسن انتفاع، وقد سخر علماء الطب تباين

<<  <  ج: ص:  >  >>