دار إقامة، وما زال بالكوفة حتى مات في أوائل خلافة معاوية سنة إحدى وأربعين من الهجرة، وقد قيل إنه عاش ثلاثين ومائة سنة.
شعره: نبغ فيه وهو غلام وجرى فيه على سنن الأشراف والفرسان.
ومن جيد شعره وقوه في معلقته مفتخراً بفعاله وقوله وقومه:
إنا إذا التقيت المجامع لم يزل ... منا لزازٌ عظيمة جشامها
ومقسم يعطي العشيرة حقها ... ومغذمرٌ لحقوقها هضامها
فضلاً وذو كرم يعين على الندى ... سمحٌ كسوبٌ رغائب غنّامها
من معشر سنّت لهم آباؤهم ... ولكل قوم سنّة وإمامها
لا يطبعون ولا يبور فعالهم ... إذ لا يميل مع الهوى أحلامها
فاقنع بما قسم المليكُ فإنما ... قسم الخلائق بيننا علاّمها
وإذا الأمانة قسّمت في معشر ... أوفى بأعظم حظنا قسّامها
فبنى لنا بيتاً رفيعاً سمكه ... فسما إليه كهلها وغلامها
فهم السعادة إذا العشيرة أفظعت ... وهم فوارسها وهم حكامها
وهم ربيع للمجاور فيهمُ ... والمرملات إذا تطاول عامها
وهم العشيرة إن يبطئ حاسد ... أو أن يميل مع العدو لئامها
وقال يرثي أخاه أربد:
بلينا وما تبلى النجوم الطوامع ... وتبقى الديار بعدنا والمصانع
وقد كنت في أكناف جار مضنه ... ففارقني جارٌ بأربد نافع
فلا جزعٌ إن فرق الدهر بينا ... فكل امرئ يوماً به الدهر فاجع
وما الناس إلاّ كالديار وأهلها ... بها يوم خلّوها وراحوا بلاقع
وما المرء إلاّ كالشهاب وضوئه ... يحور رماداً بعد إذ هو ساطع
وما المال والأهلون إلاّ ودائع ... ولابدّ يوماً أن تردّ الودائع
وما الناس إلا عاملان: فعامل ... يتبر ما يبني وآخر رافع
فمنهم سعيدُ آخذ بنصيبه=ومنهم شقيّ بالمعيشة قانع