للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وولاه معاوية العراقين وهو أول من جمع له بينهما فسار في الناس سيرة لم بها الشعث وأقام بها المعوج وكبح الفتنة واشتط في العقوبة وأخذ بالظنة وعاقب على الشهة حتى شمل خوفه جميع الناس فأمن بعهم بعضاً وكان الشيء يسقط من يد الرجل أو المرأة فلا يعرض له أحد حتى يأبى صاحبه فيأخذه بل كان لا يغلق أحد بابه وكان زياد يقول: (لو ضاع حبل بيني وبين خراسان لعرفت آخذه) وكان مكتوباً في مجلس عنوان سياسته وهي (الشدة في غير عنف واللين في غير ضعف المحسن سيجازى بإحسانه والمسيء يعاقب بإساءته) وتوفي بالكوفة في رمضان سنة ٥٣هـ?.

ومن خطه البليغة خطبته حين قدم إلى البصرة وهي: أم بعد فإن الجهلاء والضلالة العمياء والغي والموفى بأهله على النار ما فيه سفهاؤكم ويشتمل عليه حلماؤكم: من الأمور التي بنيت فيها الصغير ولا يتحاشى عنها الكبير كأنكم لم تقرؤوا كتاب الله ولم تسمعوا ما أعد الله من الثواب الكريم لأهل طاعته والعذاب الأليم لأهل معصيته في الزمن السرمدي الذي لا يزول إنه ليس منكم إلا من طرفت عينه الدنيا وسدت مسامعه الشهوات، واختار الفانية على الباقية، ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلام الحدث الذي لم تسبقوا إليه: من ترككم الضعيف يقهر والضعيفة المسلوبة في النهار تنصر، والعدد غير قليل، والجميع غير مفترق، ألم يكن منكم نهاة يمنعون الغواة عن دلج الليل وغارة النهار! قربتم القرابة! وباعدتم الدين، تعتذرون بغير لعذر، وتغضون على النكر، كل امرئ منكم يرد عن سفيهه، صنع من لا يخاف عقاباً ولا يرجو معتاداً، فلم يزل بهم ما ترون من قيامكن دونهم حتى انتهكوا حرم الإسلام ثم أطرقوا وراءكم كنوساً في مكانس الريب،

<<  <  ج: ص:  >  >>