للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه دخل المسجد معتماً بعمامة قد غطى بها أكثر وجهه متقلداً سيفه متنكباً قوساً يؤم المنبر، فقام الناس نحوه حتى صعد المنبر فمكث ساعة لا يتكلم فقال الناس بعضهم لبعض قبح الله بني أمية حيث تستعمل مثل هذا على العراق فلما رأى عيون الناس إليه، حسر اللثام عن فيه ونهض ثم قال:

أنا ابن جلا وطلاّع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني

ثم قال: يا أهل الكوفة إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها وكأني ناظر إلى الدماء بين العمائم واللحى، ثم قال:

هذا أوان الشدّ فاشتدّي زيم ... قد لفها الليل بسواقٍ حطم

ليس براعي إبل ولا غنم ... ولا بجزار علي ظهر وضم

قد لفّها الليل بعصلبيّ ... أروع خرّاج من الدوي

مهاجر ليس بأعرابي

قد شمرت عن ساقها فشدّوا ... وجدّت الحربُ بكم فجدّوا

والقوس فيها وترٌ عرد ... مثل ذراع البكر أو أشد

لابدّ مما ليس منه بدّ

إني والله يا أهل العراق ما يقعقع لي بالشنان ولا يغمز جانبي كتغماز التين ولقد فررت عن ذكاء وفتشت عن تجربة وإن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، نثر كنانته بين يديه فعجم عيدانها فوجدني أمرها عوداً وأصلبها مكسراً فرماكم ربي لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة واضطجعتم في مراقد الضلال، والله لأحزمنكم حزم السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل فإنكم لكأهل (قَرْيَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>