الشعراء الإسلاميين، وبلغاء المداحين الهجائين، وأنسب ثلاثتهم المفلقين، وهو من بني يربوع أحد أحياء تميم، ولد باليمامة سنة ٤٢ هـ ونشأ بالبادية وفيها قال الشعر ونبغ. وكان يختلف إلى البصرة في طلب الميرة ومدح الكبراء، فرأى الفرزدق وما كسبه الشعر من منزلة عند الأمراء والولاة وهو تميمي مثله وود لو يسبقه إلى ما ناله، وأغراه قومه به للتنويه بشأنهم فوقعت بينهما المهاجاة عشر سنين كان أكثر إقامة جرير أثناءها في البادية، وكان الفرزدق مقيماً بالبصرة يملأ عليه الدنيا هجاء وسبا. فما زال به بنو يربوع حتى أقدموه البصرة واتصل بالحجاج ومدحه فأكرمه ورفع منزلته عنده، فعظم أمره وشرق شعره وغرب حتى بلغ الخليفة عبد الملك فسد الحجاج عليه، فأوفده الحجاج مع ابنه محمد إلى الخليفة بدمشق ومات باليمامة سنة ١١٠هـ.
وكان في جرير على هجائه للناس عفة ودين وحسن خلق ورقة طبع.
شعره: اتفق علماء الأدب وأئمة نقد الشعر على أنه لم يوجد في الشعراء الذين نشأوا في ملك الإسلام أبلغ من جرير والفرزدق والأخطل وإنما اختلفوا في أيّهم أشعر ولكل هوى وميل في تقديم صاحبه: فمن كان هواه في رقة النسيب وجودة الغزل والتشبيه، وجمال اللفظ ولين الأسلوب والتصرف في أغراض شتى، فضل الفرزدق، ومن نظر بعد بلاغة اللفظ، وحسن الصوغ إلى أجادة المدح والإمعان في الهجاء واستهواه وصف الخمر واجتماع الندمان عليها، حكم للأخطل. وإن له في كل باب من الشعر أبياتاً سائرة هي الغاية التي يضرب بها المثل فيقال أن أغزل شعر قالته العرب هو قوله: