للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولد سنة ٢٠٦ هـ? بناحية منبج في قبائل طي وغيرها من البدو الضاربين في شواطئ الفرات ونشأ بينهم فغلبت عليه فصاحة العرب وخرج إلى العراف وأقام في خدمة المتوكل والفتح بن خاقان محترماً عندهما إلى قتلا في مجلس كان هو حاضرة فرجع إلى منبج، وبقي يختلف أحياناً إلى رؤساء بغداد وسر من رأى حتى مات سنة ٢٨٤ هـ?: وكان على فضله وفصاحته من أبخل خلق الله وأوسخهم ثوباً وأكثرهم فخراً بشعره حتى كان يقول إذا أعجبه شعره أحسنت والله، ويقول للمستمعين: ما لكم لا تقولون أحسنت. والكثير على أنه لم يأت بعد أبي نواس من هو أشعر من البحتري، ولا بعد البحتري من هو أطبع منه على الشعر ولا أبدع منه في الخيال الشعري.

شعره: كله بديع المعنى حسن الديباجة صقيل اللفظ، سلس الأسلوب كأنه سيل ينحدر إلى الأسماع مجوداً في كل غرض سوى الهجاء ولذلك اعتبره كثير من أهل الأدب هو الشاعر الحقيقي واعتبروا أمثال أبي تمام والمتنبي والمعري حكماء، ولسهولة شعره ورقته كان أكثر الأصوات التي يتغنى بها في زمنه من شعره المطبوع في ديوان حافل. ومن قوله يمدح الخليفة المتوكل ويصف موكب خروجه لصلاة عيد الفطر وخطبته في الناس:

بالبرِّ صمتَ وأنتَ أفضل صائم ... وبسنَّة الله الرَّضيَّة تفطر

فانعمْ بيوم الفطر عيدا إنهُ ... يوم أغرُّ من الزمان مشهَّرُ

أظهرتَ عز الملك فيه بجحفل ... لجبِ يحاطُ الدّينُ فيه وينصرُ

خلنا الجبالَ تسير فيه وقد غدتْ ... عدداً يسير بها العديدُ الأكثرُ

فالخيلُ تصهلُ والفوارسُ تدّعي ... والبيض تلمع والأسنّةُ تزهرُ

والأرضُ خاشعةٌ تميد بثقلها ... والجوُّ معتكرُ الجوانب أغبرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>