الله أثبته لنا في لوحهِ ... أبد إلا بيدِ فما له من ماحِ
حبّيه عنّا يا أزهرُ واملئي ... أرجاءهُ بأريجك الفياّحِ
وانفحهُ عنا يا ربيعُ بكلّ ما ... أطلعتَ من رند ونور أقاحِ
للنيلِ مجدً في الزمانِ مؤثلٌ ... من عهد "آمونٍ" وعهد "فتاحِ"
فسل العصور به وسل آثارهُ ... في مصر كم شهدت من السيّاحِ
قد قال عمروٌ في ثراها آيةٌ ... مأثورةٌ نقشتْ على الألواحِ
بينا تراهُ لآلئاً وكأنما ... نثرت بتربتهِ عقودُ ملاحِ
وإذا بهِ للناظرين زمرد ... يشفيك أخضرهُ من الأتراحِ
وإذا بهِ مسكٌ تشقُ سواده ... شقً الأديمِ محارثُ الفلاّح
قم يا ابن مصرَ فأنت حرَّ واستعدّ ... مجدَ الجدود ولا تعدْ لمراح
شمّرْ وكافحْ في الحياة فهذهِ ... دنياك دارُ تناحرٍ وكفاحِ
وانهل مع النهّال من عذب الحيا ... فإذا رقا فامتحْ مع المتاحِ
وإذا ألح عليك خطبٌ لا تهن ... واضرب على الإلحاح بالألحاحِ
وخض الحياةَ وإن تلاطم موجها ... خوض البحارِ رياضةُ السباحِ
واجعل عيانك قبلَ خطوكَ رائداً ... لا تحسبنَّ الغمر كالضحضاحِ
وإذا احتوتك محلةٌ وتنكّرت ... لك فاعدها وانزحْ مع النزاحِ
في البحر لا تثنيك نار بوارج ... في البرّ لا يلويك غابُ رماحِ
وانظر إلى الغربي كيف سمت به ... بين الشّعوب طبيعة الكداح
والله ما بلغت بنو الغربِ المنى ... إلاّ بنيّاتٍ هناك صحاحِ
ركبوا البحارَ وقد تجمَّدَ ماؤها ... والجو بين تناوحِ الأرواحِ
والبرّ مصهورَ الحصى متأججاً ... يرمي بنزاعِ الشّوى لواحِ
يلقى فتبهم الزمان بهمةٍ ... عجبٍ ووجهٍ في الخطوبِ وقاحِ