للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبدعت في تزيينه لكان لقلمي مطمع أن يدنو من الوفاء بما يوجبه حقك ويجري في الشكر إلى الغاية كما يطلبه فضلك لكنك لم تقف بعرفك عندنا بل عممت به من حولنا وبسطته على القريب والبعيد من أبناء لغتنا زفقت إلى أهل اللغة العربية عذراء من بنات الحكمة العربية سحرت قومها وملكت فيهم يومها ولا تزال تنبه منهم خامداً وتهز فيهم جامداً بل لا تنفك تحيي من قلوبهم ما أماتته القسوة وتقوم من نفوسهم ما أعوزت فيه الأسوة حكمة أفاضها الله على رجل منهم فهدى إلى التقاطها رجلاً منا فجردها من ثوبها الغريب وكساها حلة من نسج الأديب وجلاها للناظر وحلاها للطالب بعدما أصلح من خلقها وزان من معارفها حتى ظهرت محببة إلى القلوب رشيقة إلى مؤانسة البصائر تهش للفهم وتبش للطف المذوق وتسابق الفكر إلى موطن العلم فلا يكاد يلحظها الوهم إلا وهي من النفس في مكان الإلهام.

حاول قوم من قبلك أن يبلغوا من ترجمة الأعجم مبلغك فوقف العجز بأغلبهم عند مبتدأ الطريق ووصل منهم فريق إلى ما يحب من مقصده ولكنه لم يعن بأن يعيد إلى اللغة العربية ما فقدت من أساليبها ويرد ما سلبه المعتدون عليها من متانة التأليف وحسن الصياغة وارتفاع البيان فيها إلى أعلى مراتبه: أما أنت فقد وفيت من ذلك ما لا غاية لمريد بعده ولا مطمع لطالب أن يبلغ حده، ولو كنت ممن يقول بالتناسخ لذهبت إلى أن روح "ابن المقفع" كانت من طيبات الأرواح، فظهرت لك اليوم في صورة أبدع ومعنى أنفع ولعلك قد سننت بطريقتك في التعريب سنة يعمل عليها من يحاوله بعد ظهور

<<  <  ج: ص:  >  >>