للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعلن بهذا الكلام ولم يجهر به، وإنما أعلم اللهُ به رسوله وَحْيًا كما تقدم في الأحاديث، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ أحدًا من المسلمين والمعاهدين إلا بذنبٍ ظاهرٍ. فلما رجع إلى المدينة وأعلن الهجاء والعداوة استحق أن يُقتَل لظهور أذاه وشهرته عند الناس.

نعم، من خيف منه الخيانة فإنه ينبذ إليه العهد، أما إجراء حكم المحاربة عليه فلا يكون حتى تظهر المحاربة وتثبت عليه.

الوجه العاشر: أن النفر الخمسة الذين قتلوه ــ وهم: محمد بن مسلمة، وأبو نائلة، وعباد بن بشرٍ، والحارث بن أوسٍ، وأبو عبس بن جبرٍ ــ قد أذن لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخدعوه بكلامٍ يُظهرون به أنهم قد آمنوه ووافقوه، ثم يقتلونه. ومن المعلوم أن من أظهر لكافرٍ أمانًا لم يجُزْ قتله بعد ذلك لأجل الكفر، بل لو اعتقد الكافر الحربي أن المسلم آمنه صار مستأمَنًا، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من آمن رجلًا على دمه وماله ثم قتله فأنا منه بريءٌ، وإن كان المقتول كافرًا». رواه أحمد (١).


(١) برقم (٢١٩٤٧) ــ دون قوله: «وإن كان المقتول كافرًا» ــ وابن حبان (٥٩٨٢) والطبراني في «الأوسط» (٤٢٥٢، ٦٦٤٠، ٧٠٩٠) والبيهقي (٩/ ١٤٢) وغيرهم من طرق عن السُّدِّي، عن رفاعة بن شدَّاد البَجَلي، عن عمرو بن الحَمِق الخزاعي - رضي الله عنه -. وإسناده حسن.
وأخرجه الطيالسي (١٣٨٢) وأحمد (٢١٩٤٦) والبيهقي (٩/ ١٤٢) وغيرهم من طريق عبد الملك بن عُمير، عن رفاعة بن شدَّاد البجلي، عن عمرو بن الحَمِق بلفظ: «من آمن رجلًا على نفسه فقتله أُعطي لواء الغدر يوم القيامة». وإسناده أقوى، والله أعلم.