للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى دخلتُ فيه (١).

قلت: هو (٢) سلسلةٌ كان يُعتَرض بها على النهر تَمنع السُّفُنَ من المضي حتى تُؤخَذ منهم الصدقة، وكان مكانها يُسمَّى "السلسلة". وأقام بها مسروقٌ زمانًا يقصر الصلاة، كان عاملًا لزيادٍ، وكان أبو وائلٍ معه، قال: فما رأيتُ أميرًا قطُّ كان أعفَّ منه، ما كان يصيب شيئًا إلا ماء دجلة (٣).

وقيل للشعبي: كيف خرج مسروقٌ من عمله؟ قال: ألم تروا إلى الثوب يُبعث به إلى القصَّار فيُجِيد غَسْلَه؟ فكذلك خرج من عمله (٤).

قال أبو عبيد (٥): وكان المكس له أصلٌ في الجاهلية، يفعله ملوك العرب والعجم جميعًا، فكانت سنتهم أن يأخذوا من التجار عُشر أموالهم إذا مرُّوا بها عليهم. يبيِّن ذلك ما في كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن كتب من أهل الأمصار، مثل ثقيفٍ والبحرين ودُومة الجندل وغيرهم ممن أسلم: أنهم لا يُحشَرون ولا


(١) "الأموال" (١٤٦٠)، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٨/ ٢٠٤) من طريق أبي عوانة عن الأعمش به. وأخرجه أحمد في "الزهد" (ص ٤٢١) من طريق سفيان الثوري يرسله عن شقيق، والظاهر أن بينهما الأعمش. وزياد هو ابن أبيه، عامل معاوية على الكوفة.
(٢) الإشارة بالضمير إلى الحبل المذكور في الأثر.
(٣) أسنده أبو عُبيد في "الأموال" (١٤٦٢) وأبو القاسم البغوي في "مسند علي بن الجعد" (٤٤٠). وفي الأصل: "ما دخله". والتصويب من "الأموال".
(٤) أسنده أبو عُبيد في "الأموال" (١٤٦١).
(٥) "الأموال" (١/ ٢٠١).