للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

ودرجَ على ذلك الخلفاء الذين لهم ثناءٌ حسن في الأمة، كعمر بن عبد العزيز والمنصور والرشيد والمهدي والمأمون والمتوكل والمقتدر، ونحن نذكر بعض ما جرى.

فأما عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى فإنه كتب إلى جميع عمَّاله في الآفاق: أما بعد، فإن عمر بن عبد العزيز يقرأ عليكم من كتاب الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨]، جعلهم الله حزب الشيطان، وجعلهم الأخسرين أعمالًا {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: ٩٩]. واعلموا أنه لم يَهلِكْ من هلك من قبلكم إلا بمنْعِه الحقَّ وبسْطِه يدَ الظلم، وقد بلغني عن قومٍ من المسلمين فيما مضى أنهم إذا قدِموا بلدًا أتاهم أهلُ الشرك فاستعانوا بهم في أعمالهم وكتابتهم لعلمهم بالكتابة والجباية والتدبير، ولا خِيَرةَ ولا تدبيرَ فيما يغضب الله ورسوله، وقد كان لهم في ذلك مدةٌ وقد قضاها الله تعالى. فلا أعلَمَنَّ أن أحدًا من العمَّال أبقى في عمله رجلًا متصرفًا على غير دين الإسلام إلا نكَّلتُ به، فإنَّ مَحْوَ أعمالهم كمحو دينهم، وأنزِلوهم منزلتهم التي خصَّهم الله بها من الذلِّ والصَّغار. وآمرُ بمنع اليهود والنصارى من الركوب على


(١) هذا الفصل وما بعده من الفصول منقول برمته في "المذمة" (ص ٢٧٤ وما بعدها)، فلا نكرر الإحالة إليه، ونرجع إليه في التصحيح. وانظر مقدمة التحقيق (ص ٣٦ - ٣٧).