للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاقتلْ بسيفك مَن تعدَّى طَوْرَه ... واجعلْ فتوحَ سيوفك الأقباطا

فبهم أُقيمَ الجورُ في جَنَباتِها ... ورأى الأنامُ البغْيَ والإفراطا

عبدوا الصليبَ وثلَّثوا معبودَهم ... وتوازروا وتعدَّوُا الأشراطا

وبقي في نفس المأمون منهم، فلما عاد إلى بغداد اتفق لهم مجاهرةٌ في بغداد بالبغي والفساد على معلمه علي بن حمزة الكسائي، فلما قرأ عليه المأمون ووصل إلى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: ٥٣]، قال الكسائي: يا أمير المؤمنين، أتقرأ كتاب الله ولا تعمل به؟ فأمر المأمون بإحضار الذمة، فكان عدةُ من صُرِف وسُجِن ألفين وثمان مائةٍ، وبقي جماعةٌ من اليهود منحازين إلى حماية بعض جهاته، فخرج توقيعه بما نسختُه: أخبث الأمم اليهود، وأخبث اليهود السامرة، وأخبث السامرة بنو فلانٍ، فليقطَعْ ما بأسمائهم من ديوان الجيش والخراج إن شاء الله تعالى (١).

ودخل بعض الشعراء على المأمون وفي مجلسه يهودي جالسٌ، فأنشده:

يا ابنَ الذي طاعتُه في الورى ... وحكمه مفترضٌ واجب

إن الذي عُظِّمتَ من أجله ... يزعم هذا أنه كاذب

فقال له المأمون: أصحيح ما يقول؟ قال: نعم، فأمر بقتله (٢).


(١) الخبر في "المذمة" (ص ٢٨٦، ٢٨٧)، و"غذاء الألباب" (٢/ ١٧).
(٢) ورد الخبر والشعر في كتاب ابن الواسطي (ص ٤٨)، و"غذاء الألباب" (٢/ ١٧). وفي "سراج الملوك" للطرطوشي (ص ٧١) دون ذكر اسم الخليفة. وفي "بدائع السلك" لابن الأزرق (٢/ ٢٨) أنه الرشيد. وفي عامة المصادر أن الطرطوشي أنشد البيتين عند الأمير الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش وكان إلى جانب الأفضل رجل نصراني، فأقامه الأفضل من موضعه. انظر: "وفيات الأعيان" (٤/ ٢٦٣)، و"تاريخ الإسلام" (١١/ ٣٢٥)، و"سير أعلام النبلاء" (١٩/ ٤٩٢) وغيرها.