للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك ولا على زمان خلفائه الذين ساروا في الناس أحسنَ السِّيَر.

ولما اتسعت رقعةُ الإسلام، ودخل فيه الخاص والعام، وكان في المسلمين من يقوم بعمل الأرض وسَقْي النخيل، أجلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - اليهودَ من خيبر ممتثلًا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أخرجوا اليهودَ والنصارى من جزيرة العرب" (١)، وقال: "لئن بقيتُ لأُخرِجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أَدَعَ فيها إلا مسلمًا" (٢).

فصل

وأما الغِيار (٣) فلم يُلزَموا به في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما اتُّبِع فيه أمرُ عمر - رضي الله عنه -.

وكان بدءُ أمره أن خالد بن عُرفُطة أمير الكوفة جاءت إليه امرأةٌ نصرانيةٌ وأسلمت، فذكرت أن زوجها يضربها على النصرانية، وأقامت على ذلك بينةً، فضربه خالدٌ وحلَّقه، وفرَّق بينه وبينها. فشكاه النصراني إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فأشخَصَه وسأله عن ذلك، فقصَّ عليه القصة، فقال: الحكمُ ما حكمتَ به، وكتب إلى الأمصار أن يَجزُّوا نواصيهم، ولا


(١) أخرجه الدارمي (٢٥٤٠) وغيره من حديث أبي عبادة بنحوه، وقد تقدم.
(٢) أخرجه مسلم (١٧٦٧) بنحوه.
(٣) المقصود به نوع من الزيّ مغاير لزيّ المسلمين. وذكر الخفاجي في "شفاء الغليل" (ص ١٩٦) أن الغيار أن يخيطوا على ثيابهم الظاهرة ما يخالف لونه لونها، وتكون الخياطة على الكتف دون الذيل. وسيأتي تفصيل الغيار عند المؤلف (٢/ ٣٦٣).