للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه طريقة القاضي في "التعليق"، وطريقة أصحابه. وهذا قياس مذهب أحمد ونصوصه في الخمر: أنه لا يجوز إمساكها، ويجب إراقتها.

وقد قال في رواية أبي طالب (١): إذا أسلم وله خمرٌ أو خنزيرٌ يصبُّ الخمر ويسرح الخنازير، قد حرما عليه، وإن قتلها فلا بأس.

فقد نص على أنه لا يجوز إمساكها، وفي حملها إمساكٌ لها. وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاملها، فكيف تصح الإجارة على حملها؟ وهذا مذهب مالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد.

هذا كله فيما إذا استأجر [على حمل] (٢) الخمر والميتة، حيث لا يجوز إقرارها.

فأما إن استأجره لحملها للإراقة أو الإلقاء في الصحراء، فإنه تجوز الإجارة على ذلك؛ لأنه عمل مباحٌ، لكن إن كانت الأجرة لجِلد (٣) الميتة لم تصح، واستحق أجرة المثل، وإن كان قد سلخ الجلد وأخذه ردَّه على صاحبه. وهذا مذهب مالك والشافعي.

قال شيخنا (٤): والأشبه طريقة ابن أبي موسى، فإنها أقرب إلى مقصود أحمد، وأقرب إلى القياس، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن عاصر الخمر ومعتصرها


(١) في "الجامع" للخلال (٨٢٨).
(٢) الزيادة من "اقتضاء الصراط المستقيم".
(٣) في "الاقتضاء": "جلد".
(٤) في "اقتضاء الصراط المستقيم" (٢/ ٤٥).