للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تنتظر زوجها حتى يصير مسلمًا مهاجرًا إلى الله ورسوله، ثم تُرَدُّ إليه؟ ولقد أبعد النجعةَ كلَّ الإبعاد مَن فهم هذا من الآية.

وكذلك قوله: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} إنما فيه إثبات التحريم بين المسلمين والكفار، وأن أحدهما لا يحلُّ للآخر، وليس فيه أن أحدهما لا يتربَّص بصاحبه للإسلام فيحلُّ له إذا أسلما.

وأما قوله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فهذا خطاب للمسلمين ورفعٌ للحرج عنهم أن ينكحوا المؤمنات المهاجرات إذا بِنَّ من أزواجهن وتخلَّين منهم، وهذا إنما يكون بعد انقضاء عدة المرأة واختيارها لنفسها. ولا ريبَ أن المرأة إذا انقضت عدتها تُخيَّر بين أن تتزوج من شاءت وبين أن تقيم حتى يسلم زوجها، فترجع إليه إما بالعقد الأول على ما نصرناه، وإما بعقد جديدٍ على قول من يرى انفساخَ النكاح بمجرد انقضاء العدة.

فلو أنا قلنا: إن المرأة تبقى محبوسةً على الزوج، لا نُمكِّنها أن تتزوج بعد انقضاء العدة، شاءت أم أبت= لكان في الآية حجةٌ علينا، ونحن لم نقل ذلك ولا غيرنا من أهل الإسلام، بل هي أحقُّ بنفسها، إن شاءت تزوَّجتْ وإن شاءت تربَّصتْ.

فأما قوله تعالى: {وَلَا تُمَسِّكُوا بِعِصَمِ اِلْكَوَافِرِ} فإنما تضمَّن النهيَ عن استدامة نكاح المشركة والتمسك بها وهي مقيمةٌ على شركها وكفرها، وليس فيه النهي عن الانتظار بها أن تُسلم ثم يمسك بعصمتها.

فإن قيل: فهو في التربص ممسكٌ بعصمتها، قلنا: ليس كذلك، بل هي