متمكنةٌ بعد انقضاء عدتها من مفارقتِه والتزوُّجِ بغيره، ولو كانت العصمة بيده لما أمكنها ذلك.
وأيضًا فالآية إنما دلَّت على أن الرجل إذا أسلم ولم تسلم المرأة، أنه لا يُمسكها بل يفارقها، فإذا أسلمت بعده فله أن يمسك بعصمتها، وهو إنما أمسك بعصمة مسلمةٍ لا كافرةٍ.
وأيضًا فإن تحريم النساء المشركات على المؤمنين لم يُستفَد بهذه الآية، بل كان ثابتًا قبل ذلك بقوله:{وَلَا تَنكِحُوا اُلْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}[البقرة: ٢١٩]، وإنما اقتضت هذه الآية حكمه سبحانه بين المؤمنين والكفار في النساء اللاتي يرتددن إلى الكفار واللاتي يهاجرن إلى المسلمين، فإن الشرط كان قد وقع على أنَّ من شاء أن يدخل في دين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في دين قريشٍ وعهدهم دخل، فهاجر نسوةٌ اخترن الإسلام، وارتدَّ نسوةٌ اخترن الشرك، فحكَمَ الله أحسنَ حكمٍ بين الفريقين في هذه الآية، ونهى المسلمين فيها أن يمسكوا بعصمة المرأة التي اختارت الكفر والشرك، فإن ذلك منع لها من التزوج بمن شاءت وهي في عصمة المسلم، والعهد اقتضى أن من جاء من المسلمين رجالهم ونسائهم إلى الكفار يقرُّ على ذلك، ومن جاء من الكفار إلى المسلمين يُرَدُّ إليهم، فإذا جاءت امرأةُ كافرٍ (١) إلى المسلمين زالت عصمة نكاحها، وأبيح للمسلمين أن يزوِّجوها. فإذا فاتت امرأةٌ من المسلمين إلى الكفار فلو بقيت في عصمته ممسكًا لها لكان في ذلك ضررٌ بها إن لم يُمكِنها أن تزوَّج، وضررٌ به إن أمكنها أن تتزوج وهي في