للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهذا: أمسِكْها، ولا فَهِم هو إمساكها من هذا اللفظ، ولا فهمه أحدٌ من أهل التخاطب، وإنما فهم من قوله: "طلِّقْ أيتَهما شئتَ" مفارقتَها وإخراجها عنه وإمساك الأخرى، ولو كان قوله: "طلِّق أيتهما شئتَ" (١) اختيارًا لها لنفذ الطلاق عليها، وانفسخ نكاح الأخرى بأنه لم يخترها (٢)، فيكون أمرًا له بإرسال الاثنتين: هذه بالتطليق، والأخرى باختيار غيرها. وقد صرَّح به أصحاب هذا القول فقالوا: لا يكون الطلاق إلا في زوجةٍ، ففي ضمن تطليقه لها اختيارٌ (٣) منه لها، فينفذ الطلاق وتنقطع العصمة بينه وبين البواقي.

وهذا باطلٌ قطعًا، وكيف يكون الطلاق الذي جُعل لرفع النكاح وإزالته وحلِّ قَيْدِه دالًّا على ضدِّ موضوعه من الإمساك والاختيار؟! وهل هذا إلا قلب الحقائق! وهو بمنزلة جعل الإمساك والاختيار دليلًا على الفراق والطلاق، وأي فرقٍ حقيقةً أو لغةً بين قوله: أرسلتُكِ، وسيَّبتكِ، وأخرجتُكِ من نكاحي، وطلقتُكِ؟!

وقولهم: إن الطلاق لا يكون إلا في زوجةٍ، فجوابه من وجوهٍ:

أحدها: أن الطلاق المضاف إلى زوجةٍ لا يكون إلا في زوجةٍ، وأما الطلاق الذي هو عبارةٌ عن اختيار غير المطلقة، وإخراج المطلقة عن نكاحه فلا يلزم أن يصادف زوجةً.


(١) "مفارقتها وإخراجها ... أيتهما شئت" ساقطة من طبعة رمادي.
(٢) في الأصل: "لم يختارها".
(٣) في الأصل: "اختيارًا".