للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان نادرًا وهو معلومٌ كان بمنزلة المفقود في المَهْلَكة إذا عُلم بقاؤه، ومثل هذا لا يقال فيه: نادرٌ، ونكاح الأول قائمٌ، ووجود الزوج مقطوعٌ به، هذا في غاية الفساد.

والصواب الذي دلَّ عليه القرآن وسيرةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في السبايا والقياسُ: أن النكاح ينفسخ بسباء المرأة مطلقًا، فإنها قد صارت مِلكًا للسابي، وزالت العصمة عن ملك الزوج لها، كما زالت عن ملكه لرقبتها ومنافعها. وهذا اختيار أبي الخطاب وشيخنا (١)، وهو مذهب الشافعي.

وأما قولهم: إنا إنما حكمنا بإسلام الطفل بإسلام سَابِيه؛ لأنه لا سبيلَ إلى معرفة أبويه غالبًا، فجعلناه كالمحقَّق، وإن علمنا وجودهما حكمنا بإسلامه أيضًا؛ لأنه نادرٌ= فالصحيح خلاف هذا القول، وأنه يُحكم بإسلامه تبعًا لسابيه، ولو كان مع الأبوين أو أحدهما، فهذا أنصُّ (٢) الروايتين عن أحمد، وهو مذهب الأوزاعي وأهل الشام (٣)، فإن السابي له أحقُّ به من أبويه، وقد انقطعت تبعيته للأبوين بسباء المسلم له، وهو مولودٌ على الفطرة، وإنما جعلناه على دين أبويه تبعًا لهما، فإذا زالت التبعية صار مالكه أولى به، وصار تابعًا له.

قالت الحنفية: فإن اختلاف الدارين يؤثِّر في قطع العصمة، ألا ترى أن


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣١/ ٣٨٠)، و"الأوسط" لابن المنذر (١١/ ٢٩٢).
(٢) في الأصل: "أقصى". والمثبت من هامشه.
(٣) انظر: "المغني" (١٣/ ١١٥). وسيأتي الكلام عليه (٢/ ٨٥ وما بعدها).