للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذميًّا لو مات في دار الإسلام وخلف مالًا وله ورثةٌ من أهل الحرب في دار الحرب لم يستحقوا من إرثه شيئًا، وجُعل ماله في بيت المال لاختلاف الدارين، ولو كان ورثته ذميين في دار الإسلام لكانوا هم أحقَّ بتركته من جماعة المسلمين، لأنه لم يختلف به وبهم الدار. وكذلك لو سُبي من أهل الحرب دون أبويه فمات صُلِّي عليه، لأنه اختلف به وبأبويه الدار، فانقطعت العصمة بينه وبينهما، فصار مسلمًا بالدار كاللقيط، ولو سُبي مع أبويه أو أحدهما فمات لم يُصلَّ عليه، لأنه لم يختلف به وبهما أو بأحدهما الدارُ.

قال الآخرون: انقطاع الإرث بينهما لم يرجع إلى اختلاف الدارين، لكن رجع إلى قطع الموالاة والنصرة، ولهذا لو كان ذميًّا في دار [الإسلام] (١) فدخل قريبه الحربي مستأمنًا ليقيم مدةً ويرجع إلى دار الحرب لم يتوارثا، وإن كانت الدار واحدةً.

وكذلك إذا سُبي الصبي دون أبويه ومات فإنه يصلَّى عليه، وإن كان موته في دار الحرب، لأنا نحكم بإسلامه بإسلام سَابِيه. وعلى أنا لا نسلِّم انقطاع التوارث بينهما، فإن يعقوب بن بختان سأل أحمد عن رجل من أهل الذمة دخل بأمانٍ فقتله رجل من المسلمين، فقال: يُبعث بديته إلى أهل بلاده (٢). فقد نصَّ على أن ديته يُنفذ بها إلى بلاده، وإنما أراد بذلك إلى


(١) زيادة ليستقيم السياق.
(٢) لم أجد هذه الرواية، وهي برواية الأثرم في "المغني" (٩/ ١٥٨). وهو قول مالك أيضًا كما في "الأوسط" لابن المنذر (٦/ ٣١١).