للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسُّنة .. وأعظمها بعثةُ خاتم النَّبيَّين، بآخر هداية الوحي الإلهيِّ للنَّاس أجمعين؛ لأنَّ بعثتَه صلى الله عليه وسلم قد كَمُل بها الدِّين .. وبكماله تكمُل الحياة»! (١)

ومهما يكن حَصرُ (رشيد رضا) لتلك الأشراطِ في بعضِها القليلِ -كبعثة النَّبي صلى الله عليه وسلم- فإنَّ ما أورَده مِن إشكالِ في الأشراط الأخرى واردٌ على ما أثبته من ذاك القليل، فما كان جوابه عنها فهو جوابنا عن سائرِها.

ثمَّ هذا الاعتراض وإن رَاشَه (رشيد رضا) على أحاديث أشراطِ السَّاعة، فقد فاته أنَّ ذلك يَسري إلى الآيات النَّاصة على أنَّ للسَّاعة أشراطًا -بإقراره هو أنَّها في القرآن- سواءً بسواء! مِن ذلك -مثلً- قوله تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَاّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: ١٨].

فلا مَحيص للمُعترضِ عن الوقوعِ في مخاضةِ هذا الإلزامِ إلَّا باتِّهام الرَّأي قبل التَّسارع في الطَّعن في الدَّلائل ببادي الرَّأي.

ومُحصَّل التَّحقيق في هذا الباب:

أنَّ هذه الأشراط -ومنها خروج الدَّجال الأكبر- إنَّما تَدلُّ على قُربِ السَّاعة، لا على تحقُّقِ العلمِ بوقوعِها، وعلَّة ذلك: انتفاءُ العلم بالمدَّة الزَّمنيَّة المحدَّدة بين تلك الأَشراط وبين وقوع السَّاعة، «وبهذا يكون الأمرُ نَقيضَ ما ذكره المُعترضون؛ بأن يكون العلم بهذه الأشراط: باعثًا على العملِ، موقِظًا من الغفلة، زاجرًا عن التَّمادي في المعاصي.

وهل قَطَّع قلوبَ الصَّالحين، وأذابَ أكبادَهم، كمثلِ تذَكُّر تلك الأهوالِ العِظام، وما فيها مِن فِتَنٍ تفزَع منها القلوب» (٢).

وأمَّا المعارضة الثَّانية: وهو دَعواهم أنَّ هذه الأحاديث نَسَبت جُملةً مِن الخوارقِ للدَّجَال تُضاهي أكبر الآيات التي أيَّد الله بها أولي العزم ... إلخ؛ فالجواب عنها أن يُقال:


(١) «تفسير المنار» (٩/ ٤٠٣).
(٢) «دفع دعوى المعارض العقلي» (ص/٤٢٤) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>