للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البصري، والضَّحاك (١)، والبيضاوي (٢)، وابن كثير (٣)، والأَمين الشَّنقيطي (٤)، ومجمع البحوث بجامعة الأزهر (٥).

ومِن الدَّلائل القرآنية الدَّالة على نزولِه عليه السلام، وهو رابِعُها:

قول الله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: ٤٦]، وقوله سبحانه: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً} [المائدة: ١١٠].

ووجه الدَّلالة مِن الآيتين: أنَّ تخصيصَ وقوعِ التَّكليم من عيسى عليه السلام بِحالَيْ المَهْدِ والكهولة؛ مع كونِه مُتكلِّمًا فيما بين ذلك: دَلالةٌ ظاهرةٌ على أن لِتيْنِكَ الحالَين مَزيد اختصاصٍ ومَزيَّةٍ، فَارقَا بهما جميعَ كلامِه الحاصل بين تَيْنِكَ الحالين.

توضيح ذلك: أَنَّ الكلام في المَهْدِ خارقٌ للعادة، خارجٌ عن السُّنَن، وهذا بَيِّنٌ؛ فكذلك ينبغي لقوله تعالى: {وَكَهْلاً}، فهو عَطف على مُتعلَّق الظَّرف قبله، آخِذٌ حكمَه؛ أي: يُكلِّم النَّاس في حال المَهد، ويُكلِّمهم في حال الكهولة، فـ «إذا كان كلامه في حالة الطُّفولة عقبَ الولادة مباشرةً آية؛ فلا بُدَّ أنَّ المعطوف عليه -وهو كلامه في حال الكهولة- كذلك؛ وإلَّا لم يُحْتَجْ إلى التَّنصيصِ عليه؛ لأنَّ الكلام مِن الكَهل أَمرٌ مَألوف مُعتاد، فلا يحسُن الإخبار به؛ لا سيما في مَقام البِشارة» (٦).


(١) انظر أقوالهم في «تفسير القرآن العظيم» (٧/ ٢٣٣).
(٢) انظر «أنوار التنزيل» (٥/ ٩٤).
(٣) انظر «تفسير القرآن العظيم» (٧/ ٢٣٦)
(٤) انظر «أضواء البيان» (٧/ ٢٨٠).
(٥) انظر «التفسير الوسيط» (٩/ ٨٢٤).
(٦) «فصل المقال» للشيخ محمد خليل هرَّاس (ص/٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>