للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى يُقدِّم التَّسبيحَ قبل سَوْقِ خَبر الإسراءِ، لبَيانِ أنَّ هذا الخبرَ مِن الأمورِ العِظام، فلو كان مَنامًا كما ظَنَّه ابن إسحاقَ (١)، لم يكُن مُستعظَمًا، ولم يكن للتَّسبيح معنى عنده (٢)!

فقصْرُ الإسراءِ على الرُّوح تَعَدٍّ لِما قاله اللهُ إلى غيره، والقولُ به مخالفةٌ لظاهرِ القرآن، وما استفاضت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما جاءت به الآثار عن الصَّحابة والتَّابعين.

وثانيهما: ما أشار الله تعالى فيه إلى رؤية نبيِّه صلى الله عليه وسلم لجبريل على خلقتِه الأصليَّة حين عُرج به في السَّماء السَّابعة، في قوله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: ١٣ - ١٨].

ولقد تواترَت الأخبار بحادثة الإسراء والمِعراج؛ فمِمَّن نقَلَ هذا التَّواتر:

أبو الخطَّاب ابن دِحية (٣)، والزُّرقاني (٤)،

وابن تيميَّة، حيث قال: «أحاديثُ المِعراج، وصعوده إلى ما فوقَ السَّموات، وفرض الرَّب عليه الصَّلوات الخمس حينئذٍ، ورؤيته لما رآه مِن الآيات، والجنَّة والنَّار، والملائكة والأَنبياء في السَّموات، والبيت المعمور، وسِدرة المُنتهى، وغير ذلك: معروفٌ متواترٌ في الأحاديث» (٥).

مِمَّا دعا ابنَ جعفر الكتَّاني (ت ١٣٤٥ هـ) لإيداعها كتابَه «نَظْم المُتَناثر» (٦).


(١) انظر «سيرة ابن هشام» (١/ ٣٩٩)، وقد أجاد ابن جرير في الرَّد عليه في «جامع البيان» (١٤/ ٤٤٦).
(٢) انظر «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (٥/ ٤٣).
(٣) «الابتهاج» لابن دحية (ص/٥٩).
(٤) «شرح الزرقاني على المواهب اللَّدُنيَّة» (٨/ ١٥).

والزُرقاني (ت ١١٢٢ هـ): هو محمَّد بن عبد الباقي الزُّرقاني، أبو عبد الله المالكي، إمام متفنِّن، من مؤلفاته «شرح موطأ مالك»، انظر «شجرة النور الزكية» (١/ ٤٦٠).
(٥) «الجواب الصحيح» لابن تيميَّة (٦/ ١٦٨).
(٦) «نظم المتناثر» (ص/٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>