للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صلى الله عليه وسلم: نعم .. فلو كان المَسئولَ تزويجُ أختِها لمَاَ أنعمَ له بذلك صلى الله عليه وسلم» (١)، و «لقالَ: إنَّها لا تَحِلُّ لي، كما قال ذلك لأمِّ حبيبةَ (٢)، ولولا هذا، لكان التَّأويلُ في الحديثِ مِن أحسنِ التَّأويلاتِ» (٣)، لأنَّ «التَّأويلَ في لفظةٍ واحدةٍ أسهلُ» (٤)، وقد عَلِمتَ مع ذلك فسادَه.

زِد على هذا أنَّ هذا الطَّلَب من أبي سفيان لا يُتَأتَّى فيه أصلًا قولُ راويه آخرَه: «لولا أنَّه طَلَب ذلك مِن النَّبي صلى الله عليه وسلم ما أعطاهُ ذلك»!

أمَّا قولُ آخرينَ: أنَّ الرَّاوي لم يُخطِئ في تسميتِها بأمِّ حَبيبة، لأنَّ كُنية (عزَّة) أمُّ حَبيبة أيضًا كأختها أمِّ المؤمنين! (٥) وتَشبَّث بهذا (مُلَّا خاطر) (٦) من المعاصرين ليرفعَ به الخطأَ عن الرَّاوي في تسميةِ المعروضةِ للزَّواج، وما يتبعُه من رفعِ الإشكال عن الحديث.

فجواب ذلك: أنَّا لا نَجِد أحدًا صَنَّف في أسماءِ الصَّحابة قد ذَكر أنَّ كنية عَزَّة أمَّ حبيبة، بل إذا ترجموا لـ (عزَّة) هذه يعرِّفونها بأنَّها أختُ أمِّ حبيبة (٧)، ويبعُد أن يكون للأختين نفس الكُنية، ولا يُنبِّه عليه أحَد من المُختَصِّين.

فلأجل ذلك نرى مَن نَقَل هذه المعلومةَ مِن بعضِ المتأخِّرين، نَقَلَها بصيغةِ التَّمريض (قِيل)! (٨)


(١) ابن القيِّم في «تهذيب السُّنن» (٦/ ٧٦).
(٢) سبق تخريجه قبل قليل (ص/؟).
(٣) «جلاء الأفهام» (ص/٢٤٤).
(٤) «توضيح الأفكار» (١/ ١٢٢).
(٥) ورد هذا في بعض المراجع، كـ «زاد المعاد» (١/ ١٠٨)، و «شرح الزرقاني على المواهب اللَّدنية» (٤/ ٤٠٨).
(٦) وهو ملَّا خاطر في «مكانة الصَّحيحين» (ص/٤٠٦).
(٧) انظر «الاستيعاب» (٤/ ١٨٨٦)، و «أسد الغابة» (٧/ ١٩٣)، و «الوافي بالوفيات» (٢٠/ ٦٩).
(٨) ولا ندري؛ لعلَّ مَن كنَّى (عزَّة) بأمِّ حبيبة تَوهَّم ذلك بِناءً على تأوُّلِه لهذا الحديث المُشكل بأنَّ المعروضة على النَّبي صلى الله عليه وسلم فيه هي (عزَّة)! والدَّور عليه لازم له.

<<  <  ج: ص:  >  >>