للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تقرير ذلك يقول ابن تيميَّة: «أعمارُ بني آدم -في الغالبِ- كلَّما تأخَّر الزَّمانُ قصُرت ولم تطُل .. »، وذَكَر عُمْر آدمَ ونوحٍ، ثمَّ قال: «فكان الُعمْر في ذلك الزَّمان طويلًا، ثمَّ أعمارُ هذه الأمَّة ما بين السِّتين إلى السَّبعين، وأقلُّهم مَن يجوز ذلك» (١).

فإذا تَقرَّر هذا؛ فإنَّ هذا الطُّول في عُمْر الإنسانيَّة الأولى مُفْضٍ عند المُختَصِّين في علومِ البِنْياتِ الطَّبيعةِ إلى ضرورةِ امتلاكِ أولائكَ لأبدان كبيرةٍ تَتَحمَّل هذه الحياةَ الطَّويلةَ على الأرض! وهو ما يَتَّسق مع الدِّراساتِ الحديثةِ الَّتي تربِط بين عُمْر الكائنات الحيَّة وبين أحجامِها، حيث يقول أهل الاختصاص: إنَّ الأكبرَ حجمًا هو الأطولُ عُمْرًا في الجملة، لأنَّ طُولَ الحياة تستلزم جسمًا أكبرَ يُقاوم مَوانع البَقاء.

وقد أثبتت دراساتٌ إحصائيَّة عَديدة هذه الملاحظة، تؤكِّد العلاقةَ الطَّردية بين حجمِ الجسمِ وطولِ العُمْر، وفي هذه العلاقة التَّناسبيَّة بين الأعمارِ والأحجامِ جوابٌ لِمن يَسأل عن عِلَّةِ عَيشِ سَمكِ السَّلَمون -مثلًا- مدَّةً قصيرةً لا تجاوز الأربعَ سنين، بينما يَعيش الحوتُ القطبيُّ مُقوَّس الرَّأس قريبًا مِن مائتي سنة (٢).

إنَّ مِن المُستبعَد على ما تُؤكِّده هذه الشَّواهد العِلميَّة، أن يكون الإنسان الأوَّل ذا عُمْرٍ يتجاوز المئاتِ مِن السِّنين، يَصل إلى الألفِ في بواكيره، ثمَّ يكون


(١) «منهاج السنة النبوية» (٤/ ٩٢ - ٩٣).
(٢) انظر دراسة علمية منشورة في ذلك بالإنجليزية للبروفيسورَين (جوانا كوستا juana costa)، و (جورج شارش george church)، بعنوان:
" An analysis of the relationship between metabolism، developmental schedules، and longevity using phylogenetic independent contrasts" (٢) p:١٧.
وهذه الدراسة منشورة في عدة مواقع بحثيَّة متخصِّصة على الشَّبكة الإلكترونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>