للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فزيادة لفظِ (نطفة) في الجملةِ الأولى تجعلُ الكلامَ صريحًا في أنَّ الأربعين الأولى مُدَّةٌ خاصَّةٌ بالنُّطفة، والواقع أنَّها مُدَّة لجميع الأطوار الثَّلاثة كما قرَّرناه، والَّذي يَدلُّك على خطأِ هذه الزِّيادة، فضلًا عمَّا ذكرنا: مخالفةُ جماعةٍ مِن الثِّقاتِ مِن أصحاب شُعبة لأولئك الثَّلاثة عنه، حيث رَووها على اللَّفظ الصَّحيح بدون تلك الزِّيادة (١).

ثمَّ نجزم أيضًا بخطأِ روايةِ:

سَلمة بن كُهيل، حيث رواه عنه فِطر بن خليفة، عن زيد بن وهب، يرفعه عن ابن مسعودٍ بلفظ: «يُجمَع خلقُ أحدِكم في بطنِ أمِّه أربعين يومًا، ثمَّ يكون عَلقةً أربعين يومًا، ثمَّ يكون مُضغةً أربعين يومًا .. » الحديث (٢).

وفِطرٌ وتلميذه سَلَمة -وإن كانا ثِقَتين في الجملة- غير أنِّي مَغلوبٌ على ظنِّ أنَّ الخطأَ في هذه الرِّواية مِن قِبَل فِطرٍ، لا مِن سَلمة بن كهيل شيخِه، فإنَّ مِن الأئِمَّة مَن كان يستضعِفُ فِطرًا، كالدَّارقطني (٣)، وابنُ عديٍّ (٤)، على خلافِ سَلَمة، فإنَّه كلمة إجماع!

ومصداقُ هذا الظنِّ ما قاله ابن مهدي فيه: «أربعةٌ في الكوفة لا يُختلف في حديثِهم، فمَن اختلَفَ عليهم فهو يُخطئ، ليس هُم، فذَكَر منهم: سَلَمة بن كهيل» (٥).


(١) منهم: آدم بن أبي إياس، كما في «صحيح البخاري» (ك: التوحيد، باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ}، رقم: ٧٤٥٤).
وأبو داود الطَّيالسي كما في «مسنده» (١/ ٢٣٨، رقم: ٢٩٦).
وهشام بن عبد الملك، وشعيب بن محرز، كما في «صحيح ابن حبان» (١٤/ ٤٧، رقم: ٦١٧٤).
(٢) أخرجه الفريابي في «القدر» (رقم: ١٢٧)، وبنحوه أخرجه الشَّاشي في «المسند» (٢/ ١٤٢، رقم: ٦٨٣).
(٣) كما في «سؤالات الحاكم له» (ص/٢٦٤)، ولم يُوثِّقه الدَّراقطني كما زعمه مُخرِّجو «مسند أحمد» (٧/ ٤٩).
(٤) «الكامل في الضعفاء» (٨/ ٦٠٤).
(٥) «تهذيب الكمال» (١١/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>