للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند أربابِ هذا القولِ مِن قوله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}: أي مِن جِنسِها، نَظير قولِه تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً} [النحل: ٧٢]، وقولِه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: ٢١].

ولذا قال (محمَّد عبدُه): «إنَّ المعنى هناك على أنَّه خَلق أزواجًا مِن جِنسنا، ولا يصِحُّ أن يُراد أنَّه خَلق كلَّ زوجةٍ مِن بَدنِ زوجِها!» (١).

وكان الفخر الرَّازي (ت ٦٠٦ هـ) قد عَزى هذا القول إلى اختيارِ أبي مسلمٍ الأصفهاني المُعتزِليِّ (٢)!

وزادَ (عدنان إبراهيم) دعمًا لهذا الاختيارِ الاعتزاليِّ بعضَ الأدلَّةِ القرآنيَّةِ، حسِبها أقربَ للقطعِ بنَفْيِ خلقِ حَوَّاء مِن آدم، وأَدْعى لتصحيحِ هذا القولِ دون قولِ جماهيرِ المُفسِّرين.

مِن ذلك: استشهادُه بقولِه تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ} [السجدة: ٧] على كونِ حوَّاء مخلوقةً مِن طينٍ كشأنِ آدم، بدعواه: دخولِها في النَّوعِ الإنسانيِّ الَّذي أفاده عمومُ اللَّفظِ في الآية، فتراه يقول: « .. حتمًا أنَّ الإنسان هنا -على ما جَرَت به عادةُ النَّظم الكريم، والذِّكر الحكيم- تَشملُ وتَضمُّ النَّوعين جميعًا، أي: بَدَأ خلقَ آدم وخلقَ حوَّاء من طين، .. هذا ما تُعطيه ظاهرُ هذه الآية، الَّتي تُوشك أن تكون نَصًّا في الموضوع» (٣)!

وقد أبى (عدنانُ) إلَّا الشُّذوذَ كعادته عن علماءِ الأمَّة في تفسيرِهم لآية النِّساء: {الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}، حيث قال هو:

«ستقولون: إنَّ ما في الآية: {مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} هو آدم قطعًا وليست حوَّاء، وأنَّ {زَوْجَهَا} هي حوَّاء، وأنَّا سأصدِمُكم الآن! وسأصدم -تقريبًا- كلَّ المفسِّرين!


(١) «تفسير المنار» (١/ ٢٣٢).
(٢) انظر «التفسير الكبير» للرازي (٩/ ٤٧٧ - ٤٤٨).

وأبو مسلم الأصفهاني (ت ٣٢٢ هـ): هو محمد بن بحر، معتزلي المذهب، عالم بالتفسير وبعض صنوف العلم، وله شعر، وليَ أصفهان وبلاد فارس للمقتدر العبَّاسي، واستمر إلى أن دخل ابن بويه أصفهان سنة ٣٢١ هـ فعُزل، من كتبه «جامع التأويل» في التفسير، انظر «الأعلام» للزركلي (٦/ ٥٠).
(٣) من خطبته «حواء هل خلقت من ضلع آدم؟!» بتاريخ ٢٥/ ١/٢٠٠٨، المنشورة تفريغًا على موقعه الرسمي بتاريخ ١/ ٥/٢٠١٥ م، وجميع كلامه الذي أنقله تباعًا من هذا المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>