للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على روحِ الشَّخص، أو على روحِه وجَسدِه، أو على الشَّخص، فإطلاقُها على الجنسِ والماهيَّة لا قرينةَ عليه في الآية؛ وإذا دارَ الأمرُ بين الحذفِ وعَدمِه، فالأصلُ عَدمُ الحذفِ، ولا ضرورةَ تُلجِئ إلى الحذفِ هنا، ومِن أبعدِ البعيدِ أنْ يذكُر الله تعالى هذه الآيةَ ثلاثَ مرَّات، ولا يذكُر فيها ذلك المَحذوف الَّذي لا يتِمُّ المعنى إلَّا به» (١).

فلأنَّه هو الظَّاهر مِن الآية، قال به أمثالُ ابن عبَّاس، ومجاهد، والسُّدي، وقتادة، وغيرهم مِن أعلمِ النَّاسِ بمعاني الوَحي، ولا أحسب المُعترضَ يَخالُ نفسَه بإزاِء هؤلاءِ شيئًا!

وأمَّا ما يَدَّعيه أربابُ القولِ الثَّاني في تفسيرِ الآيةِ هو في حقيقتِه مُجرَّد احتمال، و «الأصل الظَّاهر لا يُترَك للاحتمالِ» (٢).

وفوق هذا نقول: إنَّه لا بُدِّ مِن التَّشبُّثِ بهذا الظَّاهر مِن الآية «كيْ يصِحَّ قولُه تعالى: {خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ}، إذ لو كانت حوَّاء مُستقلَّة في خلقِها عن نفسِ آدم، لكان النَّاسُ مَخلوقِين مِن نَفْسَين، لا مِن نفسٍ واحدةٍ!» (٣).

وهذا إلزام واضح؛ وبه تَعلَمُ إفراطَ (رشيد رضا) في دَعواه أنَّه لولا التَّوراة والآثار الواردة في خلقِ حوَّاء مِن آدم، لم يكُن ليخطر على بالِ قارئِ القرآنِ هذا المعنى مِن آية النِّساء (٤)!

ولا مَجال لأمثالِ (عدنان إبراهيم) أنْ يزعمَ بأنَّ آية النِّساءِ مِن قَبِيلِ قولِه تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً} [النحل: ٧٢] ونحوِها مِن الآيات، لكي يتوسَّل بذلك إلى أنَّ المُرادَ بآيةِ النِّساءِ: الجنسَ والنَّوعَ، أي كما الحالُ في هذه الآيات.


(١) «الأيادي البَيضا، مع الشيخين عبدُه ورشيد رضا» (ق ١٢٨/ب).
(٢) «الإحكام» للآمدي (١/ ١١٦)، و «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٢٩١).
(٣) «التفسير الكبير» للرازي (٩/ ٤٧٧ - ٤٤٨).
(٤) «تفسير المنار» (٤/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>