للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها أشبه بشكلِ الضِّلع حقًّا، ناشئ عن فَرطِ عاطفةٍ جَبَلهَا الله عليه، ليُكمِل بها نقصًا في البيتِ لا تُسَدُّ ثُلمَته إلَّا بها.

«أفليسَ في خلقِها مِن أحناءِ صدر الرَّجلِ تَعْيِينٌ لوظيفتها وتوجيه لرسالتها؟! بلى والله؛ إنَّ حُنوَّها على الزَّوجِ والوَلد، كحُنوِّ الضُّلوعِ على القلبِ والكَبد، والأسرة الَّتي تَشبُل (١) عليها المرأة، هي العضو الرَّئيسُ في جسمِ الأُمَّة، كما أنَّ الأجزاء الَّتي تَشبُل عليها الضُّلوع، هي الأعضاء الرَّئيسة في جسمِ الإنسان» (٢).

ولكم طربتُ لكلامِ مُتولِّي الشَّعراوي (ت ١٤١٨ هـ) وهو ينفض غُبارَ التُّهمةِ عن هذا الحديث بسَلاسةِ عِبارة يقول فيها:

«هذا الَوصف مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس سُبَّة في حقِّ النِّساء، ولا إنقاصًا من شأنهنَّ؛ لأنَّ هذا الاعوجاج في طبيعة المرأة هو المُتمِّم لمهمَّتِها.

لذلك نجد أنَّ حنانَ المرأةِ أغلب مِن استواء عقلِها، ومُهمَّة المرأة تَقتضي هذه الطَّبيعة، أمَّا الرَّجل: فعقلُه أغلب، ليناسِبَ مهمَّته في الحياة، حيث يُنَاط به العمل وترتيب الأمور فيما وُلِّي عليه» (٣).

وبهذا نَتحَقَّق: أنَّ هذا العِوج في النِّساءِ أمرٌ طبيعيٌّ ناشئٌ عن عاطفتِهنَّ الجيَّاشة، عاطفةٍ قد تغلب على تصرُّفاتهنَّ في البيت، فينزَعِج لها عقلُ الزَّوجِ وطبعُه، لأجلها حَضَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم الأزواجَ على مُراعاةِ ذلك بمُداراتهنَّ، اِستمالةً للنُّفوس، وتألُّفًا للقلوب، فأوصى بـ «الرِّفق بهنَّ، وألَّا يُتَقصَّى عليهِنَّ في أخلاقِهنَّ، وانحرافِ طَباعِهن» (٤) عمَّا يريدُه الزَّوج، «فلا يَنبغي له أن يحمِلها على عقلِه، فيُكلِّفها مُقتضياتِ كلِّ رأيِه؛ .. فيكون في ذلك كالرَّاحِمِ لها، ويَبْنِي أمرَها على المُسامحة» (٥).


(١) شَبَل على الشيء: أي عَطف عليه وتحنَّن، انظر «جمهرة اللغة» (١/ ٣٤٥).
(٢) مقال لأحمد حسن الزَّيات بعنوان «مَثَل المصريَّة الحديثة»، منشور بمجلَّة «الرسالة» (ص/٣، العدد ٤٦٨، بتاريخ: ٢٢/ ٦/١٩٤٢).
(٣) «الخواطر» وهو تفسير الشَّعراوي (١٩/ ١١٧٩٩).
(٤) «إكمال المعلم» للقاضي عياض (٤/ ٦٨٠).
(٥) «الإفصاح» (٧/ ١٦٠) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>