للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحيث لا تستطيع إحداهُنَّ الانفكاك عنها، إذن لمَا كان لتحذيرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم إيَّاهنَّ إتيانها وأمرِهنَّ بتوقِّي عقابِها أيَّةُ فائدة!

هنا يُعجبني كلامُ سديدٌ (لمحمَّد الغزالي) عن الحديثِ، يوضِّح فيه المقصودَ مِن خطابِ النَّبي صلى الله عليه وسلم للمسلماتِ بهذا التَّحذير الشَّديد، ويَردُّ فيه على منَ حَرَّف معناه فيقول: «إنَّ عَرْض الحديث النَّبوي دون فقهٍ صالحٍ لَونٌ مِن تحريف الكلام عن مواضعِه، ومُصَاب الإسلام شديد مِن هذا التَّصرُّف! ..

صدْرُ هذا الحديث يَقِي الأسرةَ الإسلاميَّة شرًّا يَشِيعُ بين النَّاس، جُرثومتُه امرأةٌ تحيَا على خيرِ رَجُلِها، وتُنكِر فَضله وتَجحَد حقَّه؛ قد يُخطئ الرَّجل، وكلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ، وينبغي أن تتجاوز المرأة هذا الخطأ العارض، وربمَّا كان الخطأ مِن وِجهة نظرها هي، ولكنها بدَلَ ذلك تَغضبُ غَضبًا طائشًا! وتَنْسَى في ثورتها كلَّ شيء، وتزعُم أنَّها ما رأت خيرًا قطُّ من زوجها، وقد تلعَنُ نفسَها وحظَّها وما حدَث أو ما يَحدث لها.

أليس مِن حقِّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يُحذِّر مِن هذا المسلك، وأن يَذْكُرَ لصاحباتِه أنَّهنَّ إنْ أصرَرْنَ عليه يَكُنَّ مِن أهل النَّار؟! .. » (١).

أمَّا زعم المُعارض في شُبهته الثَّانية من أنَّ وصفَ النَّبي صلى الله عليه وسلم للنِّساء في الحديث بنقص العقل تحقير لهنَّ، وأنَّه مخالف لآيةِ سورةِ البقرة، والَّتي ذكرت علَّة النِّسيان فيهنَّ لا نقصان عقلهنَّ ... إلخ.

فمنشأ الشُّبهة عنده غلطه في تصوُّر المُراد من نُقصان العقل، حيث توهَّم أنَّ العقل في الحديث بمعنى «القوَّة الَّتي يُميَّز بها بين حقائقِ المعلومات» (٢)، وعليه ظنَّه يشير إلى حُمقِ النِّساء أو طيشهنَّ!


(١) «مائة سؤال عن الإسلام» لمحمد الغزالي (ص/٣٩١).
(٢) انظر «إكمال المعلم» (١/ ٣٣٨ - ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>