بمُقتضاها، مُعتقِدين تأثيرها، فهو شِرك، لأنَّهم جعلوا لها أثرًا في الفعلِ والإيجادِ» (١).
فإذا كان هذا هو الأصلَ الشَّرعيَّ في مسألةِ التَّشاؤم أو التَّطيُّر، فإنَّه قد جاءت بعضُ أحاديث قد يَفهمُ مِن ظاهرِها غيرُ فقيهٍ، أنَّ الشُّؤمَ يكون سِمةً مُلازمةً للمرأةِ والدَّار والفَرس! وهذا ما ينفيه الفقهاء عن الشَّريعة، فكانوا إن اختلفوا في توجيه تلك الأخبار والتَّوفيق بينها وبين ما هو مُسلَّم من تقبيحِ التَّطيُّر، أيْنَعت ألبابُهم عن عِدَّة أوجهٍ مِن التَّأويلات الحَسنة والتَّوجيهات الدَّقيقة.
فقد انتقيتُ من هذه التَّوجيهات للمُعترضِ أحسنَها مَأخذًا ودليلًا فيما أرى، ليَتخيَّر بعدُ مِنها ما يَدفع عنه إشكالها عن ذِهْنِه إن رغب!
هذا ليَعلمَ بعدَ جوَلانِ ناظِرَيْه في تَنوُّعِ هذه الأجوبةِ من العلماء وحِدَّةِ أذهانِهم في فتقِ المُشكلاتِ: انغلاقَ بابِ فهمِه! وانفتاحَ أبوابهم؛ وضيقَ عطَنه عن السُّنَنِ وانشراحَ صدروهم لها! لعلَّه أن يوقِنَ بمَسيسِ حاجتِه إلى التَّواضع، بمُراجعةِ ما حَبَّروه حول ما يُشكِل عليه قبل الاغترارِ بظاهرِ فهمِه القاصر المَقودِ بزمامِ الهَوى والتَّحيُّز الفكريِّ.
وإليك تفصيل جواباتِهم، فأقول:
قد تَنوَّعت مَشاربُ العلماءِ في النَّظَرِ إلى حديثِ «الشُّؤم في ثلاثةٍ»، إلى عِدَّة أوجهٍ مِن أوجُهِ التَّوجِيه:
الوجه الأوَّل: اِعتمادُ روايةٍ للحديثِ في التَّقيِيد بالشَّرط: «إن يَكُن مِن الشُّؤم شيءٌ حقٌّ ففي .. »، و «إن كان الشُّؤم في شيءٍ .. » ونحوهما، ورَدُّ روايةِ الجزمِ إليها:
فكأنَّ روايةِ الشَّرطِ هذه مِن قَبيل التَّعليقِ على المستحيل، ليكون بها جواب الشَّرط مُستحيلًا، كقوله تعالى:{فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي}[الأعراف: ١٤٣]، أي: لكنَّه لن يستقرَّ مكانَه، فلن تَراني.