للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَفَيَستقيم الحكمُ بالاضطرابِ على روايةٍ في البخاريِّ لأجل روايةٍ أخرى خارَجه ضَعيفةٍ؟! بل مُنكرةٍ بمنظارِ أهل الفنِّ؟! فإنَّها مِن روايةِ الوَاقديِّ وهو مَتروك، فضلًا عن انقطاعِ سَندِها بين أبي جعفر البَاقر والعَبَّاس رضي الله عنه.

إنَّ ما تَبَجَّح به المُعترضُ مِن تلك المَراجع التَّاريخيَّة الَّتي ساقَها أوَّلَ مقاله، يَزعمُ إسنادَها لِما خَرج به مِن شَواذِّ نتائجِه في عُمْرِ عائشة، لا يوافقه عليها أحدٌ مِن أربابِ تلك المَراجِع نفسِها الَّتي استشهَدَ بها، والَّتي وَصَفها بأنَّها (مؤصَّلة)! ولا خَطَرت -والله- بِبالِ أصحابها! وبِها نُدينُه!

فلا ابنُ الأثير (١)، ولا ابنُ عساكر (٢)، ولا الذَّهبيُّ (٣)، والطَّبري (٤)، وابن كثير (٥)، والخطيب (٦)، وابن خلِّكان (٧): يختلفون في كونِ عائشة قد زُوِّجِت بالنَّبي صلى الله عليه وسلم وهي بنتُ ستٍّ، ودَخَل بها وهي بنتُ تسع.

وأمَّا دعواه في المعارضة الثَّانية من أنَّ أبناءَ الصِّديق وُلِدوا كلُّهم في الجاهليَّة، ونسبَ ذلك إلى الطَّبري .. إلخ:

فإنَّ سَوْق نصِّ الطَّبري كافٍ في بَيانِ كذبِ هذه النِّسبةِ إليه، ولعلَّ المُعترض أُوتِيَ مِن عَجَلتِه في فهمِ كلامِ العلماء بحسب ما يهواه ولو بتحريفِه، دون تَرَوٍّ في تأمُّلِه، أو استصحابِ مَذهَبِ قائلِه فيه.

فأمَّا ابن جرير؛ فالَّذي قاله على وَجهِ التَّفصيل:

«حَدَّث عليُّ بن محمد، عمَّن حدَّثه ومَن ذكرتُ مِن شيوخه، قال:

تزوَّج أبو بكر في الجاهليَّة قتيلة -ووافقه على ذلك الواقديُّ والكلبيُّ- .. فوَلَدت له عبد الله وأسماء.


(١) «الكامل في التاريخ» (٢/ ٧٧) (٢/ ١٥١).
(٢) «تاريخ دمشق» (٣/ ١٧٣، ١٨٠).
(٣) «سير أعلام النبلاء» (٣/ ١٢٩).
(٤) «تاريخ الطبري» (٢/ ٣٩٨).
(٥) «البداية والنهاية» (٤/ ٣٢٦).
(٦) «تاريخ بغداد» (١٣/ ١٤٨).
(٧) «وفيات الأعيان» (٣/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>