للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم الصَّحيفة الظَّالمة، وحصرِهم إيَّاهم في الشِّعب، وبين نقضِ الصَّحيفة، وما كان مِن أمرها، وهي أمور مناسبة لهذا الوقت» (١).

وبهذا يُعلَم: أنَّ خروجَ أبي بكر رضي الله عنه إلى الحبشة كان أواخرَ زَمَنِ حِصارِ قريشٍ لبني هاشم، ليكون عمر عائشةَ وقتَها في الخامسةِ أو قريبًا منها؛ وهو المُلائِم لقولهِا: «لم أعْقِل أبَوَيَّ قطُّ إلَّا وهما يَدِينَان الدِّين .. ».

وأمَّا دعوى المعترضِ في المعارضة الرَّابعة: أنَّ خولةَ بنت حكيم رضي الله عنها ما كانت لتعرضَ عائشةَ على النَّبي صلى الله عليه وسلم إلَّا على سَبيل جاهزيَّتِها للزَّواج، لا على سَبيل أن ينتظرها سنواتٍ لتكبُر:

فالعَجَب مِن (العَقَّاد) ومَن تقلَّد شُبهته! كيف سوَّغَ لنفسِه استنباطَ أمرٍ خفِيٍّ من النَّص، وفي النَّص نفسِه ما يناقِضُه؟! حيث ذكرت خولةُ رضي الله عنها أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم تزوَّجَ عائشة رضي الله عنها وهي في السَّادسةِ.

فعن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن، ويحيى بن عبد الرَّحمن بن حاطب، ينقُلان الحديثَ عن عائشة رضي الله عنها قالا: «لمَّا هَلكَت خديجة رضي الله عنها، جاءت خولة بنت حكيم رضي الله عنها امرأة عثمان بن مظعون، قالت: يا رسول الله ألا تزوَّج؟ قال: «مَن؟» قالت: إن شئتَ بِكرًا، وإن شئت ثيِّبًا؟ قال: «فمَن البكر؟» قالت: ابنة أحبِّ خلقِ الله عز وجل إليك: عائشة بنت أبي بكر، قال: «ومَن الثيَّب؟» قالت: سَودة بنت زمعة، .. قال: «فاذْهبِي فاذكريهما عَليَّ».

فدخلتُ بيتَ أبي بكر، .. فقال لخولةَ: ادْعِي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدَعَتْه، فزوَّجها إيَّاه وعائشة يومئذ بنت ستِّ سنين .. » (٢).

فإن قبلوا هذه الرِّواية للاستشهاد، فليقبلوها بِما فيها جملةً!


(١) «البداية والنهاية» (٤/ ٢٣٥).
(٢) رواه أحمد في «المسند» (رقم: ٢٥٧٦٩)، قال مُخرِّجوه: «إسناده حسن»، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٥/ ٣٨٩)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٢٣/ ٢٣، رقم: ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>