للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد تَلقَّفت طوائف مِن المَبهورين بهؤلاءِ المستشرقين مِن أصحابِ الاتِّجاهاتِ الفكريَّة المُنحرفةِ هذه الشُّبهةَ، وراحوا يطعنونَ بها في خِصر كلِّ حديثٍ لم يَرُقهم مَتنُه في «الصَّحيحين» بخاصَّة.

فهذا (صالح أبو بكر)، قد فجعَ المصريِّين بكتابٍ سوَّده باسم «الأضواء القرآنيَّة في اكتساحِ الأحاديث الإسرائيليَّة وتطهير البخاريِّ منها»، يزعم فيه اكتشافَ (مائةٍ وعشرين) حديثًا مكذوبًا دَسَّها اليهود في الحديث وهي في «صحيح البخاري»، وأنَّ موضوعها طُوِيَ لمجرَّد أنَّ البخاريَّ ومسلمًا قد حكما بصِحَّتها (١).

ويقول (جمال البنَّا) في إحدى بوائقه: «نَتناول كتابًا يقولون عنه أصدقُ كتابٍ بعد كتاب الله، ووَصَل مِن الشُّهرةِ أنْ يحلف النَّاسُ به! وهو «صحيح البخاري» .. فالأحاديثُ الَّتي سنعرِضُها منه تَتَّسِم بالإسرائيليَّات، وهي أكثر صُوَر الوَضعِ وضوحًا، حتَّى تكاد تقول: خُذوني! ومع هذا فقد صَدَّقها أجيالُ المسلمين، ودافَعَ عنها جلُّ الفقهاء» (٢).

ومثلُه (نيازي) قد زعمَ أنَّ كثيرًا مِن أحاديث «الصَّحيحين» مأخوذة مِن أهل الكتاب بواسطةِ كعبِ الأحبار، بل يرى أنَّ أغلب الأحاديث النَّبويَّة -منها الصَّحيحان- أصلها من التَّوراة والإنجيل المحرَّفتين! (٣) مُستشهدًا على ذلك بقولِه: «لولا أنِّي دَرستُ التَّوراة والإنجيل والتَّلمود دِراسةً مُستفيضةً، لمَا كانت عندي القُدرة لمعرفةِ مَصاردها» (٤).


(١) انظر «السنة المفترى عليها» (ص/٢٨٣).
(٢) جريدة «المصري اليوم» ١٥/ ٨/٢٠٠٧ عدد ١١٥٨.
(٣) «دين السلطان» (ص/٧١٣)
(٤) «دين السلطان» (ص/٣٠٣)، وهنا ظهر تأثر المؤلف بـ (جولدزيهر)، وبفكرة كتاب «أحجار على رقعة الشطرنج» لـ (وليام غاي كار) الذي نسب كل أحداث التَّاريخ لفعل اليهود، وهو من مراجع (نيازي) كما في «دين السلطان» (ص/١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>