(٢) استبعد أستاذنا مساعد الطَّيار في شرحه لـ «مقدمة ابن تيمية في أصول التفسير» (ص/١٦٧) القول بإصابة عبد الله بن عمرو للزَّاملتين باحتمالين: الأوَّل: أنه كان يعرف الرَّسم الَّذي كُتِبت به هذه الكتب، وقد استبعد هذا الاحتمال جدًّا، معتمدًا على تضعيفِ الذَّهبي لما جاء في «مسند أحمد»: من رؤيا رآها ابن عمرو فسَّرها له النَّبي صلى الله عليه وسلم بأنَّه سيقرأ الكتابين: التوراة والفرقان، لضعفِ ابن لهيعة، وكذا لنكارة متنها، حيث لا يشرع لأحد قراءة التوراة بعد نزول القرآن، انظر «سير أعلام النبلاء» (٣/ ٨٦). الثَّاني: أنها إن كانت تُترجم له، فمن ذا الذي كان يُترجم له؟! لكن قد أخرج ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (٤/ ٢٦٦) بإسناد قويٍّ لا ينزل عن مرتبة الحسن، عن شريك بن خليفة قال: «رأيت عبد الله بن عمرو يقرأ بالسِّريانيَّة». وقد بيَّن د. رمزي نعناعة في كتابه «الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير» (ص/١٤٦) الظُّروف الزَّمانية والمكانيَّة والمحفِّزات المعرفيَّة الَّتي أعانت عبد الله بنَ عمرو رضي الله عنه على تعلُّم هذه اللُّغة.
أمَّا عن تضعيف الذَّهبي لحديث «المسند» لضعف ابن لهيعة: فالَّذي روى عن ابن لهيعة هذا الحديث هو قتيبة بن سعيد، وأحاديثه عن ابن لهيعة صِحاح كما ذكر أحمد بن حنبل، انظر «تهذيب الكمال» (١٥/ ٤٩٤). أمَّا نكارة متنِه: فإن النَّظر في التَّوراة ونحوها للاعتبار ومُناظرة اليهود لا بأس بها للرَّجل العالم قليلًا، كما أقرَّ به الذَّهبي نفسه في نفس مَوطن تضعيفه للحديث، وعبد الله بن عمرو من أولئك، والإذن النَّبوي في التَّحديث عن بني إسرائيل سابق عند عبد الله بن عمرو بروايته، على التَّفصيل الَّذي مرَّ. (٣) منهم ابن تيمية في «مقدمته في أصول التفسير» (ص/٤٢)، وابن كثير في عدة مواضع من «تفسيره» منها مقدمته (١/ ٨)، وابن حجر في «فتح الباري» (١/ ٢٠٧)، وهو الظَّاهر من كلام الذَّهبي في «تذكرة الحفاظ» (ص/٣٥)،