للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاحتجُّوا بروايةِ عمران بن حطَّان، وهو مِن الخوارج، وعمرو بن دينار، وكان ممَّن يذهب إلى القَدر والتَّشيُّع، وكان عكرمة إباضيًّا، وابن أبي نجيح، وكان مُعتزليا، وعبد الوارث بن سعيد، وشبل بن عبَّاد، وسيف بن سليمان، وهشام الدُّستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، وسلام بن مسكين، وكانوا قدريَّة، وعلقمة بن مرثد، وعمرو بن مُرَّة، ومسعر بن كدام، وكانوا مرجئة، وعبيد الله بن موسى، وخالد بن مخلد، وعبد الرَّزاق بن همَّام، وكانوا يذهبون إلى التَّشيع، في خلقٍ كثير يتَّسع ذكرُهم، دوَّنَ أهلُ العلم قديمًا وحديثًا رواياتِهم، واحتجُّوا بأخبارِهم، فصارَ ذلك كالإجماع منهم، وهو أكبرُ الحُجَج في هذا الباب، وبه يَقوى الظَّن في مُقاربةِ الصَّواب» (١).

فعلى تمام هذا النَّهج في تقيِيم روايات المُبتدعة جَرى عملُ البخاريِّ ومسلمٍ في كتابيهما، أي أنَّ المُعتَبَر في عدالةِ الرَّاوي هو كونُه بحيث لا يُظَنُّ به الاجتراءُ على الافتراءِ على النَّبي صلى الله عليه وسلم (٢).

وقد أبان الحاكم عن هذا المَوقف مِن الشَّيْخين مِن تصرُّفهما في كتابيهما بقوله: «رواياتُ المُبتدعة وأصحاب الأهواء، رواياتُهم عند أكثر أهلِ الحديث مَقبولة، إذا كانوا فيها صادقين، فقد حدَّث محمَّد بن إسماعيل البخاريُّ في «الجامع الصحيح» عن عبَّاد بن يعقوب الرَّواجني، .. واحتج أيضَّا بمحمَّد بن زياد الألهاني، وحريز بن عثمان الرَّحبي، وهما ممَّا اشتَهر عنهما النَّصب، واتَّفق البخاريُّ ومسلم على الاحتجاجِ بأبي معاوية محمد بن خازم، وعبيد الله بن موسى، وقد اشتهر عنهما الغلوُّ» (٣).


(١) «الكفاية في علم الرواية» (ص/١٢٥).
(٢) «توجيه النَّظر» لطاهر الجزائري (١/ ٩٥).
(٣) «المدخل إلى كتاب الإكليل» للحاكم (ص/٤٩).
فأمَّا الألهانيُّ وحَريز مِمَّن ذَكرهم الحاكم: فسيأتي بيانُ سلامتِهما مِن النَّصب؛ وأمَّا أبو معاوية وعبيد الله بن موسى، فالأوَّل وإن كان مُرجئًا، والثَّاني مُتشيِّعًا، فلم يكونا على هوى ذلك في الأخبار، بل كانا ثِقتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>