للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضَ أعيانِها بنُكرانِ حديثِ لطمِ موسى عليه السلام لمَلَك الموت، وحَكَمَ عليه بالوَضع، فـ «وَقَع له مثل ما وَقَع لرشيد رضا في حديث سجودِ الشَّمس تحت العرش، وما وَقع لعَبدُه في حديثِ سحرِ اليهودِ للنَّبي صلى الله عليه وسلم، وهما في نَظَرِه الأستاذان الإمامان العظيمان اللَّذان تجاوزا القنطرة!» (١).

فلم يَسكُت له أقرانُه من علماءِ المغرب وقتها، حتَّى تَصَدَّا للرَّدِ عليه في إنكراه (محمَّد بن الحسَن الحَجْوي) (٢) في كتابه «الدِّفاع عن الصَّحيحين دفاع عن الإسلام»، ومحمَّد بن أحمد العَلوي الإسماعيليُّ (٣) في كتابه «توضيح طُرق الرَّشاد، لحسمِ مادَّة الإلحاد» (٤).

فلقد كان مِن كريمِ فضل الله تعالى على هذه الأمَّة، أن سَخَّر مثل هؤلاء الثُلَّة مِن أهل العلمِ الَّذين استطاعوا بنَقداتِهم لأفكارِ هذا التَّيار أن يحسُروا تَمدُّدَه -ولو قليلًا- في بقاعٍ كثيرةٍ مِن العالمِ الإسلاميِّ، بحُكمِ بقايا الثِّقة في نفوسِ


(١) «مشيخة الإلْغِيِّين» لمحمد المختار السُّوسي (ص/٢١٠).
(٢) محمد بن الحسن بن العربي الحجوي الثَّعالبي الجعفري الفلالي: فاسيٌّ من فقهاء المالكية السَّلفية في المغرب، دَرَس ودَرَّس في القرويِّين، وأُسندت إليه سفارة المغرب في الجزائر، وولي وزارة العدل فوزارة المعارف في عهد الاحتلال الفرنسيِّ، وبسبب تماهيه مع تنصيب ابن عَرَفة ملكًا للمغرب بدَلَ محمَّد الخامس، نَفَر منه كبار مُواطنيه وهَجَروه، ثمَّ عُزل بعد رجوع محمَّد الخامس، وتُوفيَّ بالرباط سنة (ت ١٣٧٦)، ولم يُصلَّ عليه! حتَّى نقلت الحكومة المغربيَّة في عهد الاستقلال تُربتَه إلى مكان مجهول، له كُتب مَطبوعة مُفيدة، أجَلُّها «الفكر السَّامي في تاريخ الفقه الإسلامي»، انظر ترجمته في «إتحاف المُالع» لابن سودة (٢/ ٥٦٠)، و «الأعلام» للزركلي (٦/ ٩٦).
(٣) محمد بن أحمد بن إدريس بن الشَّريف العلوي الإسماعيلي: من فقهاء المالكيَّة، تولَّى القضاء عدة مرات بمكناس وفاس وغيرهما من حواضر المغرب، من تصانيفه: «إتحاف النُّبهاء الأكياس بتحرير فائدة مناقشة الأوصياء»، و «تقييد على أوائل شرح البخاري»، توفي (ت ١٣٦٧ هـ)، انظر ترجمته في «سلُّ النِّصال» لابن سودة (ص/١٣٠).
(٤) وكلا الكتابين طُبِعا في دار ابن حزم ببيروت، في نشرة واحدة، سنة ١٤٢٤ هـ ٢٠٠٤ م، بتحقيق د. محمد بن عزوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>